ابوشادي الحبوب Admin
عدد المساهمات : 169 تاريخ التسجيل : 02/06/2009 الموقع : wwwalhaora.yoo7.com
| موضوع: نهاية الرتبة في طلب الحسبة 3 الإثنين أغسطس 01, 2011 8:23 am | |
| جَعَلَ الْمَسَامِيرَ الْمُؤَخَّرَةَ صِغَارًا وَالْمُقَدَّمَةَ كِبَارًا، وَإِنْ كَانَتْ يَدُهَا بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ صَغَّرَ الْمُقَدَّمَةَ وَكَبَّرَ الْمُؤَخَّرَةَ. وَلاَ يُبَالِغُ [الْبَيْطَارُ] فِي نَسْفِ الْحَافِرِ فَتَغْمِسُ الدَّابَّةُ، وَلاَ يُرْخِي الْمَسَامِيرَ فَيَتَحَرَّكُ النَّعْلُ وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ الْحَصَى وَالرَّمْلُ، فَتَرْهَصُ [الدَّابَّةُ]؛ وَلاَ [يَنْبَغِي لَهُ أَنْ] يَشُدَّهَا قَوِيًّا عَلَى الْحَافِرِ فَتُزْمَنُ [الدَّابَّةُ]. وَاعْلَمْ أَنَّ النِّعَالَ الْمُطَرَّقَةَ أَلْزَمُ لِلْحَافِرِ، وَاللَّيِّنَةَ أَثْبُتُ لِلْمَسَامِيرِ الصُّلْبَةِ، وَالْمَسَامِيرَ الدَّقِيقَةَ خَيْرٌ مِنْ الْغَلِيظَةِ. وَإِذَا احْتَاجَتْ الدَّابَّةُ إلَى فَتْحِ عِرْقٍ أَخَذَ [الْبَيْطَارُ] الْمِبْضَعَ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ، وَجَعَلَ نِصَابَهُ فِي رَاحَتِهِ، وَأَخْرَجَ مِنْ رَأْسِهِ مِقْدَارَ نِصْفِ ظُفْرٍ، ثُمَّ فَتَحَ الْعِرْقَ تَعْلِيقًا إلَى فَوْقٍ بِخِفَّةٍ وَرِفْقٍ. وَلاَ يَضْرِبُ [الْبَيْطَارُ] الْعِرْقَ حَتَّى يَجُسَّهُ بِإِصْبَعِهِ، سِيَّمَا عُرُوقِ الْأَوْدَاجِ، [فَإِنَّهَا خَطِرَةٌ لِمُجَاوَرَتِهَا الْمَرِيءَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ عُرُوقِ الْأَوْدَاجِ] خَنَقَ الدَّابَّةَ خَنْقًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبْدُرَ عُرُوقُ الْأَوْدَاجِ، فَيَتَمَكَّنَ حِينَئِذٍ مِمَّا أَرَادَ. {فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ [الْبَيْطَارُ] خَبِيرًا بِعِلَلِ الدَّوَابِّ، وَمَعْرِفَةِ [مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ]، وَمَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ، فَيَرْجِعُ النَّاسُ إلَيْهِ إذَا اخْتَلَفُوا فِي [عَيْبِ] الدَّابَّةِ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ فِي كِتَابِ الْبَيْطَرَةِ أَنَّ عِلَلَ الدَّوَابِّ ثَلاَثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ عِلَّةً، مِنْهَا الْخُنَّاقُ، [وَالْخُنَانُ الرَّطْبُ، وَالْخُنَانُ الْيَابِسُ، وَالْجُنُونُ]، وَفَسَادُ الدِّمَاغِ، وَالصُّدَاعُ، وَالْحُمْرُ، وَالنَّفْخَةُ، وَالْوَرَمُ، وَالْمُرَّةُ الْهَائِجَةُ، والديبة، وَالْخُشَامُ، وَوَجَعُ الْكَبِدِ، وَوَجَعُ الْقَلْبِ، وَالدُّودُ فِي الْبَطْنِ، وَالْمَغَلُ، وَالْمَغْسُ، وَرِيحُ السُّوسِ، وَالْقُضَاعُ، وَالصُّدَامُ، وَالسُّعَالُ الْبَارِدُ، وَالسُّعَالُ الْحَارُّ، وَانْفِجَارُ الدَّمِ مِنْ الدُّبُرِ وَالذَّكَرِ، والبحل، وَالْحَلَقُ، وَعُسْرُ الْبَوْلِ، وَوَجَعُ الْمَفَاصِلِ، وَالرَّهْصَةُ، وَالدَّخَسُ، وَالدَّاحِسُ، وَالنَّمْلَةُ، وَالنَّكَبُ، وَالْخُلْدُ، وَاللَّقْوَةُ، وَالْمَاءُ الْحَادِثُ فِي الْعَيْنِ، والمياخونة، وَرَخَاوَةُ الْأُذُنَيْنِ، وَالضَّرَسُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ شَرْحُهُ، وَيَفْتَقِرُ الْبَيْطَارُ إلَى تَحْصِيلِ مَعْرِفَةِ عِلاَجِهِ، وَسَبَبِ حُدُوثِ هَذِهِ الْعِلَلِ. فَمِنْهَا مَا إذَا حَدَثَ فِي الدَّابَّةِ صَارَ عَيْبًا دَائِمًا، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَصِرْ عَيْبًا دَائِمًا؛ وَلَوْلاَ التَّطْوِيلُ لَشَرَحْت مِنْ ذَلِكَ جُمَلًا وَتَفَاصِيلَ. فَلاَ يُهْمِلُ الْمُحْتَسِبُ امْتِحَانَ الْبَيْطَارِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمُرَاعَاةَ فِعْلِهِ بِدَوَابِّ النَّاسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. {الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى نَخَّاسِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابّ}ِ يَكُونُ النَّخَّاسُ ثِقَةً أَمِينًا عَادِلًا، مَشْهُورًا بِالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَسَلَّمُ جِوَارِي النَّاسِ وَغِلْمَانِهِمْ، وَرُبَّمَا اخْتَلَى بِهِمْ فِي مَنْزِلِهِ. وَيَنْبَغِي أَلاَ يَبِيعَ [النَّخَّاسُ] لِأَحَدٍ جَارِيَةً وَلاَ عَبْدًا حَتَّى يَعْرِفَ الْبَائِعَ، أَوْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَعْرِفُهُ، وَيَكْتُبُ اسْمَهُ وَصِفَتَهُ فِي دَفْتَرِهِ، لِئَلاَ يَكُونَ الْمَبِيعُ حُرًّا، أَوْ مَسْرُوقًا. وَمَنْ أَرَادَ شِرَاءَ جَارِيَةٍ، جَازَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا، فَإِنْ طَلَبَ اسْتِعْرَاضَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَالْخَلْوَةَ بِهَا فَلاَ يُمَكِّنُهُ النَّخَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، إلاَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نِسَاءٌ فِي مَنْزِلِهِ، فَيَنْظُرْنَ جَمِيعَ بَدَنِهَا؛ وَمَنْ أَرَادَ شِرَاءَ غُلاَمٍ، فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهُ إلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَدُونَ الرُّكْبَةِ. هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ، فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ الْجَارِيَةِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا قَبْلَ سَبْعِ سِنِينَ؛ وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْجَارِيَةِ، أَوْ الْمَمْلُوكِ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، إلاَ أَنْ يَعْلَمَ [النَّخَّاسُ] يَقِينًا أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ؛ وَمَتَى عَلِمَ [أَنَّ] بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُهُ لِلْمُشْتَرِي، كَمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. {فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ [النَّخَّاسُ] بَصِيرًا بِالْعُيُوبِ، خَبِيرًا بِابْتِدَاءِ الْعِلَلِ وَالْأَمْرَاضِ؛ فَإِذَا أَرَادَ بَيْعَ غُلاَمٍ نَظَرَ إلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ سِوَى عَوْرَتَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَيَعْتَبِرُ ذَلِكَ لِئَلاَ يَكُونَ فِيهِ عَيْبٌ، أَوْ عِلَّةٌ فَيُخْبِرُ بِهِ الْمُشْتَرِيَ. فَأَوَّلُ مَا يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهِ، فَإِنْ كَانَ مَائِلَ اللَّوْنِ إلَى الصُّفْرَةِ، أَوْ الْغُبْرَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَرَضٍ، أَوْ عِلَّةٍ فِي الْكَبِدِ، أَوْ الطِّحَالِ، أَوْ الْبَوَاسِيرِ، (بِمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَيَنْبَغِي [لِلدَّلاَلِ] أَلاَ يَبِيعَ دَابَّةً حَتَّى يَعْرِفَ الْبَائِعَ، أَوْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَعْرِفَهُ، وَيَكْتُبَ اسْمَهُ فِي دَفْتَرِهِ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا، لِئَلاَ تَكُونَ الدَّابَّةُ مَعِيبَةً، أَوْ مَسْرُوقَةً، [وَاَللَّهُ أَعْلَمُ]. {الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْحَمَّامَاتِ وَقَوَّمْتهَا} قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ - وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ - أَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْحِسْبَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِعُمُومِ الِانْتِفَاعِ بِمَعْرِفَتِهَا، وَهِيَ لاَئِقَةٌ بِهَذَا الْمَكَانِ. وَلَعَمْرِي إنَّ الْحِكْمَةَ ضَالَّةُ كُلِّ حَكِيمٍ، وَالْفَائِدَةَ حَسَنَةٌ حَيْثُ وُجِدَتْ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: خَيْرُ الْحَمَّامَاتِ مَا قَدُمَ بِنَاؤُهُ، وَاتَّسَعَ هَوَاؤُهُ، وَعَذُبَ مَاؤُهُ، وَقَدَّرَ الْأَتَانُ وَقُودَهُ بِقَدْرِ مِزَاجِ مَنْ أَرَادَ وُرُودَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الطَّبِيعِيَّ [لِلْحَمَّامِ هُوَ] التَّسْخِينُ بِهَوَائِهِ، وَالتَّرْطِيبُ بِمَائِهِ؛ فَالْبَيْتُ الْأَوَّلُ مُبَرِّدٌ مُرَطِّبٌ، وَالْبَيْتُ الثَّانِي مُسَخِّنٌ مُرْخٍ، وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ مُسَخِّنٌ مُجَفِّفٌ. وَالْحَمَّامُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَنَافِعَ وَمَضَارَّ، فَأَمَّا مَنَافِعُهَا فَتَوْسِيعُ الْمَسَامِّ وَاسْتِفْرَاغُ الْفَضَلاَتِ، [وَهِيَ] تُحَلِّلُ الرِّيَاحَ، وَتَحْبِسُ الطَّبْعَ إذَا كَانَتْ سُهُولَتُهُ عَنْ هَيْضَةٍ، وَتُنَظِّفُ الْوَسَخَ وَالْعَرَقَ، وَتُذْهِبُ الْحَكَّةَ وَالْجَرَبَ [وَالْإِعْيَاءَ]، وَتُرَطِّبُ الْبَدَنَ، وَتُجَوِّدُ الْهَضْمَ، وَتُنْضِجُ النَّزَلاَتِ وَالزُّكَامَ، وَتَنْفَعُ مِنْ حُمَّى يَوْمٍ، وَمِنْ حُمَّى الدَّقِّ وَالرَّبَعِ بَعْدَ نُضْجِ خَلْطِهَا. وَأَمَّا مَضَارُّهَا فَإِنَّهَا تُرْخِي الْجَسَدَ، وَتُضْعِفُ الْحَرَارَةَ عِنْدَ طُولِ الْمُقَامِ فِيهَا، وَتُسْقِطُ شَهْوَةَ الطَّعَامِ، وَتُضْعِفُ الْبَاهَ؛ وَأَعْظَمُ مَضَارِّهَا صَبُّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَى الْأَعْضَاءِ الضَّعِيفَةِ. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الْحَمَّامُ عَلَى الرِّيقِ وَالْخُلُوِّ، فَتُجَفِّفُ تَجْفِيفًا شَدِيدًا، وَتَهْزِلُ [الْبَدَنَ] وَتُضْعِفُهُ. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الْحَمَّامُ عَلَى قُرْبِ عَهْدٍ بِالشِّبَعِ، فَتُسَمِّنُ الْبَدَنَ، إلاَ أَنَّهَا تُحْدِثُ سَدَدًا. وَأَجْوَدُ مَا اُسْتُعْمِلَ الْحَمَّامُ عَلَى الشِّبَعِ بَعْدَ الْهَضْمِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يُرَطِّبُ الْبَدَنَ، [وَيُسَمِّنُهُ]، وَيُحَسِّنُ بَشَرَتَهُ. {فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْمُحْتَسِبُ بِغَسْلِ الْحَمَّامِ وَكَنْسِهَا وَتَنْظِيفِهَا بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ، غَيْرِ مَاءِ الْغَسَّالَةِ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِرَارًا فِي الْيَوْمِ. وَيُدَلِّكُونَ الْبَلاَطَ بِالْأَشْيَاءِ الْخَشِنَةِ، لِئَلاَ يَتَعَلَّقَ بِهِ السِّدْرُ وَالْخِطْمِيُّ وَالصَّابُونُ، فَتَزْلَقُ أَرْجُلُ [النَّاسِ] عَلَيْهَا. وَيَغْسِلُونَ الْخِزَانَةَ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْمُجْتَمَعَةِ فِي مَجَارِيهَا، وَالْعَكَرِ الرَّاكِدِ فِي أَسْفَلِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً؛ لِأَنَّهَا إنْ تُرِكَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَغَيَّرَ الْمَاءُ فِيهَا فِي الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ. وَإِذَا أَرَادَ الْقَيِّمُ الصُّعُودَ إلَى الْخِزَانَةِ لِفَتْحِ الْمَاءِ إلَى الْأَحْوَاضِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَصْعَدَ، لِئَلاَ يَكُونَ قَدْ خَاضَ فِي الْغَسَّالاَتِ. وَلاَ يَسُدُّ الْأَنَابِيبَ بِشَعْرِ الْمَشَّاطَةِ، بَلْ يَسُدُّهَا بِاللِّيفِ وَالْخِرَقِ الطَّاهِرَةِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلاَفِ. وَيُشْعِلُ فِيهَا الْبَخُورَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، سِيَّمَا إذَا شَرَعَ فِي غَسْلِهَا وَكَنْسِهَا. وَمَتَى بَرَدَتْ الْحَمَّامُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَخِّرَهَا [الْقِيَمُ] بِالْخُزَامَى، فَإِنَّ دُخَانَهَا يُحَمِّي هَوَاءَهَا، وَيُطَيِّبُ رَائِحَتَهَا. وَلاَ يَحْبِسُ مَاءَ الْغَسَّالاَتِ فِي مَسِيلِ الْحَمَّامِ، لِئَلاَ تَفُوحَ رَائِحَتُهَا؛ وَلاَ يَدَعُ الْأَسَاكِفَةَ وَغَيْرَهُمْ يَصْبُغُونَ الْجُلُودَ فِي الْحَمَّامِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَتَضَرَّرُونَ بِرَائِحَةِ الدِّبَاغَةِ؛ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ إلَى الْحَمَّامِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْحَمَّامِيِّ ميازر يُؤَجِّرُهَا لِلنَّاسِ، أَوْ يُعِيرُهَا لَهُمْ، فَإِنَّ الْغُرَبَاءَ وَالضُّعَفَاءَ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ. وَيَأْمُرُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] بِفَتْحِ الْحَمَّامِ فِي السَّحَرِ، لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا لِلتَّطَهُّرِ فِيهَا قَبْلَ وَقْتِ الصَّلاَةِ؛ وَيُلْزِمُ النَّاطُورَ حِفْظَ ثِيَابِ النَّاسِ، فَإِنْ ضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه. {فَصْلٌ}: وَيَكُونُ الْمُزَيِّنُ - [وَهُوَ الْبَلاَنُ - خَفِيفًا رَشِيقًا بَصِيرًا بِالْحِلاَقَةِ، وَيَكُونُ حَدِيدُهُ رَطْبًا قَاطِعًا، وَلاَ يَسْتَقْبِلُ الرَّأْسَ وَمَنَابِتَ الشَّعْرِ اسْتِقْبَالًا. وَلاَ يَأْكُلُ [الْمُزَيِّنُ] مَا يُغَيِّرُ نَكْهَتِهِ، كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لِئَلاَ يَتَضَرَّرَ النَّاسُ بِرَائِحَةٍ فِيهِ عِنْدَ الْحِلاَقَةِ. وَيَبْغِي أَنْ يَحْلِقَ الْجَبِينَ وَالصُّدْغَيْنِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ، وَلاَ يَحْلِقَ شَعْرَ صَبِيٍّ إلاَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلاَ يَحْلِقَ عِذَارَ أَمْرَدَ وَلاَ لِحْيَةَ مُخَنَّثٍ. وَيَأْمُرُ [الْمُحْتَسِبُ] الْمُدَلِّكَ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِقُشُورِ الرُّمَّانِ، لِتَصِيرَ خَشِنَةً، فَتُخْرِجُ الْوَسَخَ، وَيَسْتَلِذُّ بِهَا الْإِنْسَانُ؛ وَيُمْنَعُ مِنْ دُلُوكِ الْبَاقِلاَ وَالْعَدَسِ فِي الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَعَامٌ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُمْتَهَنَ. {فَصْلٌ}: وَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ أَنْ يَتَفَقَّدَ الْحَمَّامَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِرَارًا، وَيَعْتَبِرَ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ وَإِنْ رَأَى أَحَدًا قَدْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ عَزَّرَهُ عَلَى كَشْفِهَا؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ، وَقَدْ {لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاظِرَ وَالْمَنْظُورَ إلَيْهِ}، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. {الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الفصادين وَالْحَجَّامِينَ} لاَ يَتَصَدَّى لِلْفَصْدِ إلاَ مَنْ اشْتَهَرَتْ مَعْرِفَتُهُ بِتَشْرِيحِ الْأَعْضَاءِ وَالْعُرُوقِ وَالْعَضَلِ وَالشَّرَايِينِ، وَأَحَاطَ بِمَعْرِفَةِ تَرْكِيبِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا، لِئَلاَ يَقَعَ الْمِبْضَعُ فِي عِرْقٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ أَوْ فِي عَضَلَةٍ أَوْ شِرْيَانٍ، فَيُؤَدِّي إلَى زَمَانَةِ الْعُضْوِ وَهَلاَكِ الْمَقْصُودِ؛ فَكَثِيرٌ هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ أَرَادَ تَعَلُّمَ الْفَصْدِ فَلْيُدْمِنْ فَصْدَ وَرَقِ الشَّلْقِ - أَعْنِي الْعُرُوقَ الَّتِي فِي الْوَرَقَةِ - حَتَّى تَسْتَقِيمَ يَدُهُ. وَيَنْبَغِي لِلْفَاصِدِ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ عَمَلِ صِنَاعَةٍ مَهِينَةٍ، تُكْسِبُ أَنَامِلَهُ صَلاَبَةً وَعُسْرَ حِسٍّ، لاَ يَتَأَتَّى مَعَهَا نَبْشُ الْعُرُوقِ؛ وَأَنْ يُرَاعِيَ بَصَرَهُ بِالْأَكْحَالِ الْمُقَوِّيَةِ لَهُ والأيارجات، إنْ كَانَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا؛ وَأَلاَ يَفْصِدَ عَبْدًا إلاَ بِإِذْنِ مَوْلاَهُ، وَلاَ صَبِيًّا إلاَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلاَ حَامِلًا وَلاَ طَامِثًا؛ وَأَلاَ يَفْصِدَ إلاَ فِي مَكَان مُضِيءٍ وَبِآلَةٍ مَاضِيَةٍ؛ وَأَلاَ يَفْصِدَ وَهُوَ مُنْزَعِجُ الْجَنَانِ. وَبِالْجُمْلَةِ يَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِمْ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ [أَلاَ يَفْصِدُوا] فِي عَشَرَةِ أَمْزِجَةٍ، وَلْيَحْذَرُوا فِيهَا حَذَرًا، إلاَ بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْأَطِبَّاءِ، وَهِيَ: فِي السِّنِّ الْقَاصِرِ عَنْ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَفِي سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ، [وَفِي الْأَبْدَانِ الشَّدِيدَةِ الْقَضَافَةِ]، وَفِي الْأَبْدَانِ الشَّدِيدَةِ السِّمَنِ، وَفِي الْأَبْدَانِ الْمُتَخَلْخِلَةِ، وَفِي الْأَبْدَانِ الْبِيضِ الْمُرْهِلَةِ، وَفِي الْأَبْدَانِ الصُّفْرِ الْعَدِيمَةِ الدَّمِ، وَفِي الْأَبْدَانِ الَّتِي طَالَتْ بِهَا الْأَمْرَاضُ، وَفِي الْمِزَاجِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، وَعِنْدِ الْوَجَعِ الشَّدِيدِ؛ فَهَذِهِ الْأَحْوَالُ يَجِبُ أَنْ تُكْشَفَ عَلَى الْفَاصِدِ عِنْدَ وُجُودِهَا. وَقَدْ نَهَتْ الْأَطِبَّاءُ عَنْ الْفَصْدِ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ أَيْضًا، وَلَكِنَّ مَضَرَّتَهُ دُونَ مَضَرَّةِ الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا؛ فَالْحَالَةُ الْأُولَى الْفَصْدُ عَقِيبَ الْجِمَاعِ، وَبَعْدَ الِاسْتِحْمَامِ الْمُحَلَّلِ، وَفِي حَالِ الِامْتِلاَءِ مِنْ الطَّعَامِ، وَفِي حَالَةِ امْتِلاَءِ الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ مِنْ الثِّقَلِ، وَفِي حَالَةِ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ؛ فَهَذِهِ أَحْوَالٌ يُتَوَقَّى الْفَصْدُ فِيهَا أَيْضًا. {فَصْلٌ}: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الْفَاصِدِ مَبَاضِعُ كَثِيرَةٌ، مِنْ ذَوَاتِ الشَّعِيرَةِ وَغَيْرِهَا؛ وَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ كَبَّةٌ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ خَزٍّ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْقَيْءِ، مِنْ خَشَبٍ أَوْ رِيشٍ. وَ [يَنْبَغِي] أَنْ يَكُون مَعَهُ وَبَرُ الْأَرْنَبِ، وَدَوَاءُ الصَّبْرِ والكندر، وَصِفَتُهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الكندر وَالصَّبْرِ وَالْمُرِّ وَدَمِ الْأَخَوَيْنِ، مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ، [وَمِنْ القلقطار وَالزَّاجِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ جُزْءٍ؛ وَيُجْمَعُ الْجَمِيعُ]، وَيُعْمَلُ كَالْمَرْهَمِ؛ وَيَرْفَعُهُ [الْفَاصِدُ] عِنْدَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَ [يَنْبَغِي] أَنْ يَكُونَ مَعَهُ نَافِجَةُ مِسْكٍ وَأَقْرَاصُ الْمِسْكِ، وَيَعْتَدُّ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ، حَتَّى إذَا عَرَضَ لِلْمَفْصُودِ غَشْيٌ بَادَرَ فَأَلْقَمَ الْمَوْضِعَ كُبَّةَ الْحَرِيرِ، وَأَلْقَمَهُ بِآلَةِ الْقَيْءِ، وَشَمَّمَهُ النَّافِجَةَ، وَجَرَّعَهُ مِنْ أَقْرَاصِ الْمِسْكِ شَيْئًا، فَتَنْعَشُ قُوَّتُهُ بِذَلِكَ. وَإِنْ حَدَثَ فُتُوقُ دَمٍ، مِنْ عِرْقٍ أَوْ شَرْيَانَ، حَشَاهُ [الْفَاصِدُ] بِوَبَرِ الْأَرْنَبِ وَدَوَاءِ الكندر الْمَذْكُورِ. وَلاَ يَضْرِبُ [الْفَاصِدُ] بِمِبْضَعِ كَالٍّ، فَإِنَّهُ كَبِيرُ الْمَضَرَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُخْطِئُ فَلاَ يَلْحَقُ [الْعِرْقَ]، فَيُورَمَ وَيُوجِعَ. وَلْيَمْسَحْ رَأْسَ مِبْضَعِهِ بِالزَّيْتِ، فَإِنَّهُ لاَ يُوجِعُ عِنْدَ الْبَضْعِ، غَيْرُ أَنَّهُ لاَ يَلْتَحِمُ سَرِيعًا. وَإِذَا أَخَذَ الْمِبْضَعَ فَلْيَأْخُذْهُ بِالْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى، وَيَتْرُكُ السَّبَّابَةَ لِلْجَسِّ؛ وَيَكُونُ الْأَخْذُ عَلَى نِصْفِ [الْمِبْضَعِ]، وَلاَ يَكُونُ فَوْقَ ذَلِكَ، فَيَكُونَ التَّمَكُّنُ مِنْهُ مُضْطَرِبًا. وَلاَ يُدْفَعُ الْمِبْضَعُ بِالْيَدِ غَمْزًا، بَلْ يُدْفَعُ بِالِاخْتِلاَسِ، لِيُوصَلَ طَرَفُ الْمِبْضَعِ حَشْوَ الْعُرُوقِ. وَلَمْ أَرَ فِي صِنَاعَةِ الْفَصْدِ أَحْذَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ رَأَيْتهمَا بِمَدِينَةِ حَلَبَ، افْتَخَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحِذْقِ؛ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَبِسَ غِلاَلَةً، وَشَدَّ يَدَهُ مِنْ فَوْقِ الْغِلاَلَةِ، وَانْغَمَسَ فِي بِرْكَةٍ، ثُمَّ فَصَدَ يَدَهُ [فِي قَاعِ الْمَاءِ مِنْ فَوْقِ الْغِلاَلَةِ؛ وَأَمَّا الْآخَرُ فَمَسَكَ الْمِبْضَعَ بِإِبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ فَصَدَ يَدَهُ] وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَسِّعَ [الْفَاصِدُ] الْبَضْعَ فِي الشِّتَاءِ، لِئَلاَ يَجْمُدَ [الدَّمُ]، وَيُضَيِّقَ فِي الصَّيْفِ، لِئَلاَ يُسْرِعَ إلَى الْغَشْيِ. وَتَثْنِيَةُ الْفَصْدِ تَحْفَظُ قُوَّةَ الْمَفْصُودِ، فَمَنْ أَرَادَهَا فِي يَوْمِهِ فَلْيَشُقَّ الْعِرْقَ مُوَرِّبًا، لِئَلاَ يَلْتَحِمَ سَرِيعًا؛ وَأَجْوَدُ التَّثْنِيَةِ مَا أُخِّرَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. وَمَتَى تَغَيَّرَ لَوْنُ الدَّمِ، أَوْ حَدَثَ غَشْيٌ وَضَعْفٌ فِي النَّبْضِ، فَلْيُبَادِرْ [الْفَاصِدُ] إلَى شَدِّ الْعِرْقِ وَمَسْكِهِ. {فَصْلٌ}: وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُرُوقَ الْمَفْصُودَةَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا عُرُوقٌ فِي الرَّأْسِ، وَعُرُوقٌ فِي الْيَدَيْنِ، وَعُرُوقٌ فِي الْبَدَنِ، وَعُرُوقٌ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَعُرُوقٌ فِي الشَّرَايِينِ؛ فَيَمْتَحِنُهُمْ الْمُحْتَسِبُ بِمَعْرِفَتِهَا، وَبِمَا يُجَاوِرُهَا مِنْ الْعَضَلِ وَالشَّرَايِينِ. وَسَأَذْكُرُ مَا اُشْتُهِرَ مِنْهَا: أَمَّا عُرُوقُ الرَّأْسِ الْمَفْصُودَةِ، فَعِرْقُ الْجَبْهَةِ، وَهُوَ الْمُنْتَصِبُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، وَفَصْدُهُ يَنْفَعُ مِنْ ثِقَلِ الْعَيْنَيْنِ وَالصُّدَاعِ الدَّائِمِ؛ وَمِنْهَا الْعِرْقُ الَّذِي فَوْقَ الْهَامَةِ، وَفَصْدُهُ يَنْفَعُ [مِنْ] الشَّقِيقَةِ وَقُرُوحِ الرَّأْسِ؛ وَمِنْهَا الْعِرْقَانِ الْمَلْوِيَّانِ عَلَى الصُّدْغَيْنِ، وَفَصْدُهُمَا يَنْفَعُ مِنْ الرَّمَدِ وَالدَّمْعَةِ وَجَرَبِ الْأَجْفَانِ وَبُثُورِهَا؛ وَمِنْهَا عِرْقَانِ خَلْفَ الْأُذُنَيْنِ، يُفْصَدَانِ لِقَطْعِ النَّسْلِ، فَيُحَلِّفُهُمْ الْمُحْتَسِبُ أَلاَ يَفْصِدُوا وَاحِدًا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ النَّسْلَ، وَقَطْعُ النَّسْلِ حَرَامٌ؛ وَمِنْهَا عُرُوقُ الشَّفَةِ، وَفَصْدُهَا يَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْفَمِ وَالْقِلاَعِ وَأَوْجَاعِ اللِّثَة وَأَوْرَامِهَا؛ وَمِنْهَا الْعُرُوقُ الَّتِي تَحْتَ اللِّسَانِ، وَفَصْدُهَا يَنْفَعُ مِنْ الْخَوَانِيقِ وَأَوْرَامِ اللَّوْزَتَيْنِ. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا عُرُوقُ الْيَدَيْنِ فَسِتَّةٌ، [وَهِيَ] الْقِيفَالُ، وَالْأَكْحَلُ، والباسليق، وَحَبْلُ الذِّرَاعِ، وَالْأُسَيْلِمُ، وَالْإِبْطِيُّ - وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الباسليق؛ وَأَسْلَمُ هَذِهِ الْعُرُوقِ الْقِيفَالُ. وَيَنْبَغِي [عَلَى الْفَاصِدِ] أَنْ يُنَحِّيَ فِي فَصْدِهِ [عَنْ] رَأْسِ الْعَضَلَةِ إلَى مَوْضِعٍ لِينٍ، وَيُوَسِّعَ بَضْعَهُ إنْ أَرَادَ أَنْ يُثَنِّيَ. وَأَمَّا الْأَكْحَلُ فَفِي فَصْدِهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ، لِأَجْلٍ الْعَضَلَةِ الَّتِي تَحْتَهُ، فَرُبَّمَا وَقَعَتْ بَيْنَ عَصْبَتَيْنِ، وَرُبَّمَا كَانَ فَوْقَهَا عَصَبَةٌ دَقِيقَةٌ مُدَوَّرَةٌ كَالْوَتْرِ؛ فَيَجِبُ [عَلَى الْفَاصِدِ] أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَيَتَجَنَّبَهُ فِي حَالِ الْفَصْدِ، وَيَحْتَاطَ أَنْ تُصِيبَهُ الضَّرْبَةُ، فَيَحْدُثُ مِنْهَا خَدْرٌ مُزْمِنٌ. وَأَمَّا الباسليق فَعَظِيمُ الْخَطَرِ أَيْضًا، لِوُقُوعِ الشِّرْيَانِ تَحْتَهُ، فَيَجِبُ [عَلَى الْفَاصِدِ] أَنْ يَحْتَاطَ لِذَلِكَ، فَإِنَّ الشِّرْيَانَ إذَا بُضِعَ لَمْ يُرْقَأْ دَمُهُ. وَأَمَّا الْأُسَيْلِمُ، فَالْأَصْوَبُ أَنْ يُفْصَدَ طُولًا؛ وَحَبْلُ الذِّرَاعِ يُفْصَدُ مُوَرِّبًا؛ [وَكُلَّمَا انْحَدَرَ الْفَاصِدُ فِي فَصْدِ الباسليق إلَى الذِّرَاعِ كَانَ أَسْلَمَ]. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا عُرُوقُ الْبَدَنِ، فَعِرْقَانِ عَلَى الْبَطْنِ، أَحَدُهُمَا مَوْضُوعٌ عَلَى الْكَبِدِ، وَالْآخَرُ مَوْضُوعٌ عَلَى الطِّحَالِ؛ [وَ] يَنْفَعُ فَصْدُ الْأَيْمَنِ مِنْهُمَا لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَالْأَيْسَرُ يَنْفَعُ لِلطِّحَالِ. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا عُرُوقُ الرِّجْلَيْنِ، فَأَرْبَعَةٌ، مِنْهَا عِرْقُ النَّسَا، وَيُفْصَدُ عِنْدَ الْجَانِبِ الْوَحْشِيِّ مِنْ الْكَعْبِ، فَإِنْ خَفِيَ فَلْتُفْصَدْ الشُّعْبَةُ الَّتِي بَيْنَ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ [مِنْ الْقَدَمِ]؛ وَمَنْفَعَةُ ذَلِكَ عَظِيمَةٌ، سِيَّمَا فِي النِّقْرِسِ وَالدَّوَالِي وَدَاءِ الْفِيلِ. وَمِنْهَا عِرْقُ الصَّافِنِ، وَهُوَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ [مِنْ السَّاقِ]، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا، وَفَصْدُهُ يَنْفَعُ مِنْ الْبَوَاسِيرِ، وَيَدِرُّ الطَّمْثَ، وَيَنْفَعُ الْأَعْضَاءَ الَّتِي تَحْتَ الْكَبِدِ. وَمِنْهَا عِرْقٌ مَأْبِضٌ [تَحْتَ] الرُّكْبَةِ، وَهُوَ مِثْلُ الصَّافِنِ فِي النَّفْعِ. وَمِنْهَا الْعِرْقُ الَّذِي خَلْفَ الْعُرْقُوبِ، وَكَأَنَّهُ شُعْبَةٌ مِنْ الصَّافِنِ، وَمَنْفَعَةُ فَصْدِهِ مِثْلُ الصَّافِنِ. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْعُرُوقُ وَالشَّرَايِينُ الْمَفْصُودَةُ فِي الْغَالِبِ، وَيَجُوزُ فَصْدُهَا، فَهِيَ الصِّغَارُ وَالْبَعِيدَةُ مِنْ الْقَلْبِ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي يَرْقَأُ دَمُهَا إذَا فُصِدَتْ. وَأَمَّا الشَّرَايِينُ الْكِبَارُ الْقَرِيبَةُ الْوَضْعِ مِنْ الْقَلْبِ، فَإِنَّهُ لاَ يَرْقَأُ دَمُهَا إذَا فُصِدَتْ، وَاَلَّتِي يَجُوزُ فَصْدُهَا [مِنْهَا] - عَلَى الْأَكْثَرِ - شِرْيَانُ الصُّدْغَيْنِ، وَالشِّرْيَانَانِ اللَّذَانِ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ؛ وَقَدْ أَمَرَ جَالِينُوسُ بِفَصْدِهَا فِي الْمَنَامِ. {فَصْلٌ}: وَالْحِجَامَةُ عَظِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ، وَهِيَ أَقَلُّ خَطَرًا مِنْ الْفِصَادَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَجَّامُ خَفِيفًا رَشِيقًا، خَبِيرًا بِالصِّنَاعَةِ، فَيُخِفُّ يَدَهُ فِي الشُّرُوطِ وَيَسْتَعْجِلُ، ثُمَّ يُعَلِّقُ الْمِحْجَمَةَ. وَتَكُونُ التَّعْلِيقَةُ الْأُولَى خَفِيفَةً سَرِيعَةَ الْقَلْعِ، ثُمَّ يَتَدَرَّجُ إلَى الْقَلْعِ بِإِبْطَاءٍ وَإِمْهَالٍ. وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْتَحِنَ الْحَجَّامَ بِوَرَقَةٍ يُلْصِقُهَا عَلَى آجُرَّةٍ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِشَرْطِهَا، فَإِنْ نَفَذَ الشَّرْطُ كَانَ ثَقِيلَ الْيَدِ سَيِّئَ الصِّنَاعَةِ؛ وَعَلاَمَةُ حِذْقِ الْحَجَّامِ خِفَّةُ يَدِهِ، وَأَلاَ يُوجِعَ الْمَحْجُومَ. {فَصْلٌ}: وَقَدْ ذَكَرَتْ الْحُكَمَاءُ أَنَّ الْحِجَامَةَ تُكْرَهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ [وَفِي آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْلاَطَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ] لاَ تَكُونُ قَدْ تَحَرَّكَتْ وَلاَ هَاجَتْ، وَفِي آخِرِهِ [تَكُونُ] قَدْ نَقَصَتْ، فَلاَ تُفِيدُ الْحِجَامَةُ شَيْئًا. وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ الْحِجَامَةُ وَسَطَ الشَّهْرِ، إذَا تَكَامَلَ النُّورُ فِي جُرْمِ الْقَمَرِ، لِأَنَّ الْأَخْلاَطَ تَكُونُ هَائِجَةً، وَتَكُونُ الْأَدْمِغَةُ زَائِدَةً فِي الْأَقْحَافِ؛ وَأَفْضَلُ أَوْقَاتِ الْحِجَامَةِ السَّاعَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مِنْ النَّهَارِ. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا مَنَافِعُ الْحِجَامَةِ، فَإِنَّهَا عَلَى النُّقْرَةِ خَلِيفَةُ فَصْدِ الْأَكْحَلِ، وَتَنْفَعُ مِنْ ثِقَلِ الْحَاجِبَيْنِ، وَجَرَبِ الْعَيْنَيْنِ، وَالْبَخَرِ فِي الْفَمِ؛ غَيْرُ أَنَّهَا تُورِثُ النِّسْيَانَ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم {إنَّ مُؤَخَّرَ الدِّمَاغِ مَوْضِعُ الْحِفْظِ، وَتُضْعِفُهُ الْحِجَامَةُ}. وَالْحِجَامَةُ عَلَى الْأَكْحَلِ خَلِيفَةُ فَصْدُ الباسليق، وَتَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الْمَنْكِبِ وَالْحَلْقِ، غَيْرُ أَنَّهَا تُضْعِفُ فَمَ الْمَعِدَةِ. وَالْحِجَامَةُ فِي الْأَخْدَعَيْنِ خَلِيفَةُ فَصْدِ الْقِيفَالِ، وَتَنْفَعُ الْوَجْهَ وَالْأَسْنَانَ وَالْأَضْرَاسَ، وَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ، وَالْأَنْفَ وَالْحَلْقَ، وَرَعْشَةَ الرَّأْسِ؛ غَيْرُ أَنَّهَا تُحْدِثُ رَعْشَةً فِي الرَّأْسِ لِمَنْ لَمْ [يَكُنْ] بِهِ رَعْشَةٌ. وَالْحِجَامَةُ تَحْتَ الذَّقَنِ تَنْفَعُ الْوَجْهَ وَالْأَسْنَان وَالْحُلْقُومَ، وَتُنَقِّي الرَّأْسَ. وَالْحِجَامَةُ عَلَى الْهَامَةِ تَنْفَعُ مِنْ اخْتِلاَطِ الْعَقْلِ وَالدُّوَارِ، وَتُبْطِئُ بِالشَّيْبِ؛ غَيْرُ أَنَّهَا تَضُرُّ بِالذِّهْنِ، وَتُورِثُ بَلَهًا. [وَالْحِجَامَةُ عَلَى الْفَخْذَيْنِ مِنْ قُدَّامٍ تَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الْخُصْيَتَيْنِ وَخُرَّاجَاتِ] الْفَخْذَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، وَاَلَّتِي عَلَى الْفَخْذَيْنِ مِنْ خَلْفٍ تَنْفَعُ مِنْ الْأَوْرَامِ وَالْخُرَّاجَاتِ الْحَادِثَةِ فِي الْأَلْيَتَيْنِ. وَالْحِجَامَةُ عَلَى السَّاقَيْنِ تَقُومُ مَقَامَ الْفَصْدِ، وَتُنَقِّي الدَّمَ، وَتَدِرُّ الطَّمْثَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. {الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْأَطِبَّاءِ وَالْكَحَّالِينَ وَالْمُجَبِّرِينَ والجرائحيين} الطِّبُّ عِلْمٌ نَظَرِيٌّ وَعَمَلِيٌّ، أَبَاحَتْ الشَّرِيعَةُ عِلْمَهُ وَعَمَلَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ الصِّحَّةِ وَدَفْعِ الْعِلَلِ وَالْأَمْرَاضِ عَنْ هَذِهِ الْبِنْيَةِ الشَّرِيفَةِ. وَالطَّبِيبُ هُوَ الْعَارِفُ بِتَرْكِيبِ الْبَدَنِ، وَمِزَاجِ الْأَعْضَاءِ، وَالْأَمْرَاضِ الْحَادِثَةِ فِيهَا، وَأَسْبَابِهَا وَأَعْرَاضِهَا وَعَلاَمَاتِهَا، وَالْأَدْوِيَةِ النَّافِعَةِ فِيهَا، وَالِاعْتِيَاضِ عَمَّا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا، وَالْوَجْهِ فِي اسْتِخْرَاجِهَا، وَطَرِيقِ مُدَاوَاتِهَا، لِيُسَاوِيَ بَيْنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَدْوِيَةِ فِي كَمِّيَّاتِهَا، وَيُخَالِفَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَيْفِيَّاتِهَا. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ مُدَاوَاةُ الْمَرْضَى، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى عِلاَجٍ يُخَاطِرُ فِيهِ، وَلاَ يَتَعَرَّضُ إلَى مَا لَمْ يُحْكِمْ عِلْمَهُ مِنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ مُلُوكَ الْيُونَانِ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ حَكِيمًا مَشْهُورًا بِالْحِكْمَةِ، ثُمَّ يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ أَطِبَّاءِ الْبَلَدِ لِيَمْتَحِنَهُمْ، فَمَنْ وَجَدَهُ مُقَصِّرًا فِي عَمَلِهِ أَمَرَهُ بِالِاشْتِغَالِ وَقِرَاءَةِ الْعِلْمِ، وَنَهَاهُ عَنْ الْمُدَاوَاةِ. وَيَنْبَغِي إذَا دَخَلَ الطَّبِيبُ عَلَى مَرِيضٍ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِ مَرَضِهِ، وَعَمَّا يَجِدُ مِنْ الْأَلَمِ، [وَيَعْرِفَ السَّبَبَ وَالْعَلاَمَةَ وَالنَّبْضَ وَالْقَارُورَةَ]، ثُمَّ يُرَتِّبَ لَهُ قَانُونًا مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَغَيْرِهَا؛ ثُمَّ يَكْتُبَ نُسْخَةً بِمَا ذَكَرَهُ لَهُ الْمَرِيضُ، وَبِمَا رَتَّبَهُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرَضِ، وَيُسَلِّمَ نُسْخَتَهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَرِيضِ، بِشَهَادَةِ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْمَرِيضِ. فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ حَضَرَ وَنَظَرَ إلَى دَائِهِ، وَسَأَلَ الْمَرِيضَ، وَرَتَّبَ لَهُ قَانُونًا عَلَى حَسَبِ مُقْتَضَى الْحَالِ، وَكَتَبَ لَهُ نُسْخَةً أَيْضًا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِمْ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ، ثُمَّ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْمَرِيضُ، أَوْ يَمُوتَ. فَإِنْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ أَخَذَ الطَّبِيبُ أُجْرَتَهُ وَكَرَامَتَهُ، وَإِنْ مَاتَ حَضَرَ أَوْلِيَاؤُهُ عِنْدَ الْحَكِيمِ الْمَشْهُورِ، وَعَرَضُوا عَلَيْهِ النُّسَخَ الَّتِي كَتَبَهَا لَهُمْ الطَّبِيبُ، فَإِنْ رَآهَا عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ وَصِنَاعَةِ الطِّبِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلاَ تَقْصِيرٍ مِنْ الطَّبِيبِ أَعْلَمَهُمْ، وَإِنْ رَأَى الْأَمْرَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ: " خُذُوا دِيَةَ صَاحِبِكُمْ مِنْ الطَّبِيبِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ بِسُوءِ صِنَاعَتِهِ وَتَفْرِيطِهِ ". فَكَانُوا يَحْتَاطُونَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الشَّرِيفَةِ إلَى هَذَا الْحَدِّ، حَتَّى [لاَ] يَتَعَاطَى الطِّبَّ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلاَ يَتَهَاوَنُ الطَّبِيبُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِمْ عَهْدَ بُقْرَاطَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطِبَّاءِ، وَيُحَلِّفَهُمْ أَلاَ يُعْطُوا أَحَدًا دَوَاءً مُضِرًّا، وَلاَ يُرَكِّبُوا لَهُ سُمًّا، وَلاَ يَصِفُوا التَّمَائِمَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْعَامَّةِ، وَلاَ يَذْكُرُوا لِلنِّسَاءِ الدَّوَاءَ الَّذِي يُسْقِطُ الْأَجِنَّةَ، وَلاَ لِلرِّجَالِ الدَّوَاءَ الَّذِي يَقْطَعُ النَّسْلَ؛ وَلْيَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَنْ الْمَحَارِمِ عِنْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى الْمَرْضَى، وَلاَ يُفْشُوا الْأَسْرَارَ، وَلاَ يَهْتِكُوا الْأَسْتَارَ. {فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ جَمِيعُ آلاَتِ الطِّبِّ عَلَى الْكَمَالِ، وَهِيَ كَلْبَاتُ الْأَضْرَاسِ، وَمَكَاوِي الطِّحَالِ، وَكَلْبَاتُ الْعَلَقِ، وَزَرَّاقَاتُ الْقُولَنْجِ، وَزَرَّاقَاتُ الذَّكَرِ، وَمِلْزَمُ الْبَوَاسِيرِ، وَمِخْرَطُ الْمَنَاخِيرِ، وَمِنْجَلُ النَّوَاصِيرِ، وَقَالِبُ التَّشْمِيرِ، وَرَصَاصُ التَّثْقِيلِ، وَمِفْتَاحُ الرَّحِمِ، وَبَوَّارُ النِّسَاءِ، وَمُكَمِّدَةُ الْحَشَا، وَقَدَحُ الشَّوْصَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي صِنَاعَةِ الطِّبِّ، غَيْرَ آلَةِ الْكَحَّالِينَ والجرائحيين، مِمَّا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْتَحِنَ الْأَطِبَّاءَ بِمَا ذَكَرَهُ حُنَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ " مِحْنَةُ الطَّبِيبِ ". وَأَمَّا [كِتَابُ] " مِحْنَةُ الطَّبِيبِ " لِجَالِينُوسَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ [مِنْ الْأَطِبَّاءِ] يَقُومُ بِمَا شَرَطَهُ [جَالِينُوسُ] عَلَيْهِمْ [فِيهِ]. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْكَحَّالُونَ، فَيَمْتَحِنُهُمْ الْمُحْتَسِبُ بِكِتَابِ حُنَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ [كَذَلِكَ]، أَعْنِي الْعَشْرَ مَقَالاَتٍ فِي الْعَيْنِ، فَمَنْ وَجَدَهُ فِيمَا امْتَحَنَهُ بِهِ عَارِفًا بِتَشْرِيحِ عَدَدِ طَبَقَاتِ الْعَيْنِ السَّبْعَةِ، وَعَدَدِ رُطُوبَاتِهَا الثَّلاَثَةِ، وَعَدَدِ أَمْرَاضِهَا الثَّلاَثِ، وَمَا يَتَفَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرَاضِ، وَكَانَ خَبِيرًا بِتَرْكِيبِ الْأَكْحَالِ وَأَمْزِجَةِ الْعَقَاقِيرِ، أَذِنَ لَهُ الْمُحْتَسِبُ بِالتَّصَدِّي لِمُدَاوَاةِ أَعْيُنِ النَّاسِ. وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّطَ [الْكَحَّالُ] فِي شَيْءٍ مِنْ آلاَتِ صَنْعَتِهِ، مِثْلِ صنانير السَّبَلِ، وَالظِّفْرَةِ، وَمَحَكِّ الْجَرَبِ، وَمَبَاضِعِ الْفَصْدِ، وَدَرَجِ الْمَكَاحِلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا كَحَّالُو الطُّرُقَاتِ فَلاَ يُوثَقُ بِأَكْثَرِهِمْ، إذْ لاَ دِينَ لَهُمْ يَصُدُّهُمْ عَنْ التَّهَجُّمِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ بِالْقَطْعِ وَالْكَحْلِ، بِغَيْرِ عِلْمٍ وَمَخْبَرَةٍ بِالْأَمْرَاضِ وَالْعِلَلِ الْحَادِثَةِ؛ فَلاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرْكَنَ إلَيْهِمْ فِي مُعَالَجَةِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَثِقَ بِإِكْحَالِهِمْ وأشيافاتهم. فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَصْنَعُ أَشْيَافًا أَصْلُهَا مِنْ النَّشَا وَالصَّمْغِ، وَيَصْبُغُهَا أَلْوَانًا مُخْتَلِفَةً، فَيَصْبُغُ الْأَحْمَرَ بالأسريقون، وَالْأَخْضَرَ بِالْكُرْكُمِ وَالنِّيلِ، وَالْأَسْوَدَ بالأقاقيا، وَالْأَصْفَرَ بِالزَّعْفَرَانِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ أَشْيَافَ ماميتا. وَيَجْعَلُ أَصْلَهُ مِنْ الْبَانِ الْمِصْرِيِّ، وَيَعْجِنُهُ بِالصَّمْغِ الْمَحْلُولِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ كُحْلًا مِنْ نَوَى الْإِهْلِيلِجِ الْمُحَرَّقِ وَالْفُلْفُلِ. وَجَمِيعُ غُشُوشِ أَكْحَالِهِمْ لاَ يُمْكِنُ حَصْرُ مَعْرِفَتِهَا، فَيُحَلِّفُهُمْ الْمُحْتَسِبُ عَلَى ذَلِكَ، إذْ لاَ يُمْكِنُهُ مَنْعُهُمْ مِنْ الْجُلُوسِ لِمُعَالَجَةِ أَعْيُنِ النَّاسِ. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْمُجَبِّرُونَ، فَلاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَدَّى لِلْجَبْرِ إلاَ بَعْدَ أَنْ يُحْكِمَ مَعْرِفَةَ الْمَقَالَةِ السَّادِسَةِ مِنْ كُنَّاشِ بولص فِي الْجَبْرِ، وَأَنْ يَعْلَمَ عَدَدَ عِظَامِ الْآدَمِيِّ - وَهُوَ مِائَتَا عَظْمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ عَظْمًا - وَصُورَةَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْهَا، وَشَكْلَهُ وَقَدْرَهُ، حَتَّى إذَا انْكَسَرَ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ انْخَلَعَ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ، عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا؛ فَيَمْتَحِنُهُمْ الْمُحْتَسِبُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. {فَصْلٌ}: وَأَمَّا الجرائحيون، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةُ كِتَابِ جَالِينُوسَ الْمَعْرُوفِ بقاطاجانس فِي الْجِرَاحَاتِ وَالْمَرَاهِمِ، [وَأَيْضًا كِتَابُ الزَّهْرَاوِيِّ فِي الْجِرَاحِ]، وَأَنْ يَعْرِفُوا التَّشْرِيحَ وَأَعْضَاءَ الْإِنْسَانِ، وَمَا فِيهِ مِنْ الْعَضَلِ وَالْعُرُوقِ وَالشَّرَايِينِ وَالْأَعْصَابِ، لِيَتَجَنَّبَ [الْجَرَّاحُ] ذَلِكَ فِي وَقْتَ فَتْحِ الْمَوَادِّ وَقَطْعِ الْبَوَاسِيرِ. وَيَكُونُ مَعَهُ دَسْتُ الْمَبَاضِعِ، فِيهِ مَبَاضِعُ مُدَوَّرَاتُ الرَّأْسِ، وَالْمُوَرِّبَاتُ، وَالْحَرَبَاتُ، وَفَأْسُ الْجَبْهَةِ، وَمِنْشَارُ الْقَطْعِ، وَمِجْرَفَةُ الْأُذُنِ، وَوَرْدُ السَّلَعِ، وَمَرَّ هَمْدَانَ الْمَرَاهِمِ، وَدَوَاءُ الكندر الْقَاطِعُ لِلدَّمِ، الَّذِي قَدَّمْنَا صِفَتَهُ. وَقَدْ يُبَهْرِجُونَ عَلَى النَّاسِ بِعِظَامٍ تَكُونُ مَعَهُمْ فَيَدُسُّونَهَا فِي الْجَرْحِ، ثُمَّ يُخْرِجُونَهَا مِنْهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ النَّاسِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ أَدْوِيَتَهُمْ الْقَاطِعَةَ أَخْرَجَتْهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَضَعُ مَرَاهِمَ مِنْ الْكِلْسِ الْمَغْسُولِ بِالزَّيْتِ، ثُمَّ يَصْبُغُ لَوْنَهُ أَحْمَرَ بِالْمَغْرَةِ، أَوْ أَخْضَرَ بِالْكُرْكُمِ وَالنِّيلِ، أَوْ أَسْوَدَ بِالْفَحْمِ الْمَسْحُوقِ؛ فَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ الْعَرِيفُ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. {الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى مُؤَدِّبِي الصِّبْيَانِ} لاَ يَجُوزُ لَهُمْ تَعْلِيمُ الْخَطِّ [لِلصِّبْيَانِ] فِي الْمَسَاجِدِ، لِأَنَّ {النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ}؛ لِأَنَّهُمْ يُسَوِّدُونَ [حِيطَانَهَا]، وَيُنَجِّسُونَ أَرْضَهَا، إذْ لاَ يَحْتَرِزُونَ مِنْ الْبَوْلِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ؛ بَلْ يَتَّخِذُونَ لِلتَّعْلِيمِ حَوَانِيتَ فِي الدُّرُوبِ وَأَطْرَافِ الْأَسْوَاقِ. {فَصْلٌ}: وَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ يُعَلِّمَ الصَّبِيَّ السُّوَرَ الْقِصَارَ مِنْ الْقُرْآنِ، بَعْدَ حِذْقِهِ بِمَعْرِفَةِ الْحُرُوفِ وَضَبْطِهَا بِالشَّكْلِ، وَيُدَرِّجُهُ بِذَلِكَ حَتَّى يَأْلَفَهُ طَبْعُهُ، ثُمَّ يُعَرِّفُهُ عَقَائِدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، ثُمَّ أُصُولَ الْحِسَابِ، وَمَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْمُرَاسَلاَتِ وَالْأَشْعَارِ دُونَ سَخِيفِهَا وَمُسْتَرْذَلِهَا. وَفِي الرَّوَاحِ يَأْمُرُهُمْ [الْمُؤَدِّبُ] بِتَجْوِيدِ الْخَطِّ عَلَى الْمِثَالِ، وَيُكَلِّفُهُمْ عَرْضَ [مَا] أَمْلاَهُ عَلَيْهِمْ حِفْظًا غَائِبًا لاَ نَظَرًا. وَمَنْ كَانَ عُمْرُهُ فَوْقَ سَبْعِ سِنِينَ أَمَرَهُ [الْمُؤَدِّبُ] بِالصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمْ الصَّلاَةَ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ}. وَيَأْمُرُهُمْ [الْمُؤَدِّبُ] بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِمَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِمَا وَتَقْبِيلِ أَيْدِيهِمَا عِنْدَ الدُّخُولِ إلَيْهِمَا؛ وَيَضْرِبُهُمْ عَلَى إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالْفُحْشِ مِنْ الْكَلاَمِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ قَانُونِ الشَّرْعِ، مِثْلِ اللَّعِبِ بِالْكِعَابِ وَالْبَيْضِ وَالسَّيْرِ ونردشير، وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِمَارِ؛ وَلاَ يَضْرِبُ صَبِيًّا بِعَصًا غَلِيظَةً تَكْسِرُ الْعَظْمَ، وَلاَ رَقِيقَةً تُؤْلِمُ الْجِسْمَ، بَلْ تَكُونُ وَسَطًا؛ وَيَتَّخِذُ مِجْلَدًا عَرِيضَ السَّيْرِ، وَيَعْتَمِدُ فِي ضَرْبِهِ عَلَى اللَّوَايَا وَالْأَفْخَاذِ وَأَسَافِلِ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لاَ يُخْشَى مِنْهَا مَرَضٌ وَلاَ غَائِلَةٌ. {فَصْلٌ}: وَلاَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ أَحَدَ الصِّبْيَانِ فِي حَوَائِجِهِ وَأَشْغَالِهِ الَّتِي فِيهَا عَارٌ عَلَى آبَائِهِمْ، كَنَقْلِ الزِّبْلِ وَحَمْلِ الْحِجَارَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلاَ يُرْسِلُهُ إلَى دَارِهِ وَهِيَ خَالِيَةٌ، لِئَلاَ تَتَطَرَّقَ إلَيْهِ التُّهْمَةُ. وَلاَ يُرْسِلُ صَبِيًّا مَعَ امْرَأَةٍ لِيَكْتُبَ لَهَا كِتَابًا، وَلاَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْفُسَّاقِ يَحْتَالُونَ عَلَى الصِّبْيَانِ بِذَلِكَ. وَيَكُونُ السَّائِقُ لَهُمْ أَمِينًا ثِقَةً مُتَأَهِّلًا؛ لِأَنَّهُ يَتَسَلَّمُ الصِّبْيَانَ فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ، وَيَنْفَرِدُ بِهِمْ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ، وَيَدْخُلُ عَلَى النِّسْوَانِ؛ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ. وَلاَ يُعَلِّمُ [الْمُؤَدِّبُ] الْخَطَّ امْرَأَةً وَلاَ جَارِيَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ الْمَرْأَةَ شَرًّا، وَقِيلَ: إنَّ مَثَلَ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَتَعَلَّمُ الْخَطَّ مَثَلُ حَيَّةٍ تُسْقَى سُمًّا. وَيَنْبَغِي [لِلْمُؤَدِّبِ] أَنْ يَمْنَعَ الصِّبْيَانَ مِنْ حِفْظِ شَيْءٍ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْحَجَّاجِ وَالنَّظَرِ فِيهِ، وَيَضْرِبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ دِيوَانُ صَرِيعِ الدَّلاَ، فَإِنَّهُ لاَ خَيْرَ فِيهِ، [وَكَذَلِكَ الْأَشْعَارُ الَّتِي عَمِلَتْهَا الرَّوَافِضُ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ؛ فَلاَ يُعَرِّفُهُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ يُعَلِّمُهُمْ الْأَشْعَارَ الَّتِي مُدِحَتْ بِهَا الصَّحَابَةُ رضوان الله عليهم، لِيُرَسِّخَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ]. {الْبَابُ التَّاسِعُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ} لاَ يَصِحُّ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلاَ مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ مِمَّنْ يُفَوِّضُ إلَيْهِ الْإِمَامُ؛ وَلاَ تُعْقَدُ الذِّمَّةُ إلاَ لِمَنْ لَهُ كِتَابٌ أَوْ شِبْهُ كِتَابٍ مِنْ الْكُفَّارِ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس. وَأَمَّا غَيْرُ هَؤُلاَءِ مِمَّنْ لاَ كِتَابَ لَهُمْ وَلاَ شِبْهَ كِتَابٍ، كَالْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَمَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلاَمِ، أَوْ مَنْ أَظْهَرَ الزَّنْدَقَةَ وَالْإِلْحَادَ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُمْ عَقْدُ الذِّمَّةِ، وَلاَ يُقَرُّونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرُ الْإِسْلاَمِ. {فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ مَا شَرَطَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ الَّذِي كَتَبَهُ لِأَهْل | |
|