الحب والرومنسيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحب والرومنسيه

الحب والرومنسيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالاداره هيى الوحيده في التحكم
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» صور ومناظر للكويت الحبيبه
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالأحد أغسطس 21, 2011 4:47 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» الجريمة ..البداية والشرارة
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 09, 2011 7:42 am من طرف ابوشادي الحبوب

» ( فضل الدعاء وأهميته )
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 09, 2011 7:39 am من طرف ابوشادي الحبوب

» تمتع باجمل صور دينيه
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 3:59 am من طرف ابوشادي الحبوب

» صور اسلااميات
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالأحد أغسطس 07, 2011 5:28 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» نهاية ظالم
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالسبت أغسطس 06, 2011 3:32 am من طرف ابوشادي الحبوب

» الحسن والحسين الحلقه الثانيه
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 03, 2011 6:06 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» حلقه الاولي من مسلسل الحسن والحسين
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 03, 2011 6:01 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» فمن لها يوم السبع؟
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 03, 2011 8:09 am من طرف ابوشادي الحبوب

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ابوشادي الحبوب
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_vote_rcapنهاية الرتبة في طلب الحسبة I_voting_barنهاية الرتبة في طلب الحسبة I_vote_lcap 
خالد
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_vote_rcapنهاية الرتبة في طلب الحسبة I_voting_barنهاية الرتبة في طلب الحسبة I_vote_lcap 
mostafa
نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_vote_rcapنهاية الرتبة في طلب الحسبة I_voting_barنهاية الرتبة في طلب الحسبة I_vote_lcap 
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 28 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 28 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 91 بتاريخ الجمعة نوفمبر 22, 2024 4:50 pm

 

 نهاية الرتبة في طلب الحسبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوشادي الحبوب
Admin
ابوشادي الحبوب


عدد المساهمات : 169
تاريخ التسجيل : 02/06/2009
الموقع : wwwalhaora.yoo7.com

نهاية الرتبة في طلب الحسبة Empty
مُساهمةموضوع: نهاية الرتبة في طلب الحسبة   نهاية الرتبة في طلب الحسبة I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 01, 2011 8:20 am

نهاية الرتبة في طلب الحسبة

لعبد الرحمن بن نصر بن

عبد الله الشيرازي

الشافعي


بسم الله الرحمن الرحيم


قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَوْحَدُ الْعَالِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ، وَأَسْتَعِينُهُ فِيمَا أَلْزَمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَ اللَّهُ وَحْدَهُ، لاَ شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْظَمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ [النَّبِيُّ] الْأَكْرَمُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ. وَبَعْدُ، فَقَدْ سَأَلَنِي مَنْ اسْتَنَدَ لِمَنْصِبِ الْحِسْبَةِ، وَقُلِّدَ النَّظَرُ فِي مَصَالِحِ الرَّعِيَّةِ، وَكَشْفِ أَحْوَالِ السُّوقَةِ، وَأُمُورِ الْمُتَعَيِّشِينَ، أَنْ أَجْمَعَ لَهُ مُخْتَصَرًا كَافِيًا، فِي سُلُوكِ مَنْهَجِ الْحِسْبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، لِيَكُونَ عِمَادًا لِسِيَاسَتِهِ، وَقِوَامًا لِرِيَاسَتِهِ، فَأَجَبْته إلَى مُلْتَمَسِهِ، ذَاهِبًا إلَى الْوَجَازَةِ، لاَ إلَى الْإِطَالَةِ، وَضَمَّنْته طُرَفًا مِنْ الْأَخْبَارِ، وَطَرَّزْته بِحِكَايَاتٍ، وَآثَارٍ، وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى غِشِّ [الْمُتَعَيِّشِينَ فِي] الْمَبِيعَاتِ، وَتَدْلِيسِ أَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ، وَكَشْفِ سِرِّهِمْ الْمَدْفُونِ، وَهَتْكِ سِتْرِهِمْ الْمَصُونِ، رَاجِيًا بِذَلِكَ ثَوَابَ الْمُنْعِمِ لِيَوْمِ الْحِسَابِ. وَاقْتَصَرْت فِيهِ عَلَى ذِكْرِ الْحِرَفِ الْمَشْهُورَةِ دُونَ غَيْرِهَا، لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَجَعَلْته أَرْبَعِينَ بَابًا، يَحْتَذِي الْمُحْتَسِبُ عَلَى مِثَالِهَا، وَيَنْسُجُ عَلَى مِنْوَالِهَا، وَسَمَّيْته نِهَايَةَ الرُّتْبَةِ فِي طَلَبِ الْحِسْبَةِ "، وَمَا تَوْفِيقِي إلاَ بِاَللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْت، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.



{الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ مِنْ شُرُوطِ الْحِسْبَةِ، وَلُزُومِ مُسْتَحَبَّاتِهَا}


لَمَّا كَانَتْ الْحِسْبَةُ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، وَإِصْلاَحًا بَيْنَ النَّاسِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَسِبُ فَقِيهًا، عَارِفًا بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، لِيَعْلَمَ مَا يَأْمُرُ بِهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ. فَإِنَّ الْحَسَنَ مَا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ، وَالْقَبِيحَ مَا قَبَّحَهُ [الشَّرْعُ]، وَلاَ مَدْخَلَ [لِلْعُقُولِ] فِي مَعْرِفَةِ الْمَعْرُوفِ، وَالْمُنْكَرِ إلاَ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَرُبَّ جَاهِلٍ يَسْتَحْسِنُ بِعَقْلِهِ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ، فَيَرْتَكِبُ الْمَحْظُورَ، وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

{فَصْلٌ}: وَأَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يَعْلَمُ، وَلاَ يَكُونُ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِفِعْلِهِ، فَقَدْ قَالَ [اللَّهُ] عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَمِّ عُلَمَاءِ بَنْيِ إسْرَائِيلَ: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ، وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}، وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {رَأَيْت لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِالْمَقَارِيضِ، فَقُلْت: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ؛ قَالَ: هَؤُلاَءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِك الَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ}. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُخْبِرًا عَنْ شُعَيْبٍ عليه السلام لَمَّا نَهَى قَوْمَهُ عَنْ بَخْسِ الْمَوَازِينِ، وَنَقْصِ الْمَكَايِيلِ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إنْ أُرِيدُ إلاَ الْإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْت}، وَلاَ يَكُونُ [الْمُحْتَسِبُ] كَمَا قَالَ ابْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيُّ: إذَا نُصِبُوا لِلْقَوْلِ قَالُوا فَأَحْسَنُوا وَلَكِنَّ حُسْنَ الْقَوْلِ خَالَفَهُ الْفِعْلُ، وَذَمُّوا لَنَا الدُّنْيَا، وَهُمْ يَرْضَعُونَهَا أَفَاوِيقَ حَتَّى مَا يَدُرُّ لَهَا ثَعْلُ، وَقَالَ آخَرُ: لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ، وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ.

{فَصْلٌ}: وَيَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَقْصِدَ بِقَوْلِهِ، وَفِعْلِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، خَالِصُ النِّيَّةِ لاَ يَشُوبُهُ فِي طَوِيَّتِهِ رِيَاءٌ، وَلاَ مِرَاءٌ، وَيَجْتَنِبُ فِي رِيَاسَتِهِ مُنَافَسَةَ الْخَلْقِ، وَمُفَاخَرَةَ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ، لِيَنْشُرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ رِدَاءَ الْقَبُولِ وَعِلْمَ التَّوْفِيقِ، وَيَقْذِفَ لَهُ فِي الْقُلُوبِ مَهَابَةً، وَجَلاَلًا، وَمُبَادَرَةً إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ بِالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ. فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ شَرَّهُمْ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ إلَيْهِمْ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ أَحْسَنَ اللَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلاَنِيَتَهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ}. وَذَكَرُوا أَنَّ أَتَابِكَ طُغْتِكِينَ، سُلْطَانَ دِمَشْقَ، طَلَبَ لَهُ مُحْتَسِبًا، فَذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، فَلَمَّا بَصَرَ بِهِ قَالَ: " إنِّي وَلَّيْتُك أَمْرَ الْحِسْبَةِ عَلَى النَّاسِ، بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ". قَالَ: " إنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَقُمْ عَنْ هَذِهِ الطَّرَّاحَةِ، وَارْفَعْ هَذَا الْمَسْنَدَ، فَإِنَّهُمَا حَرِيرٌ وَاخْلَعْ هَذَا الْخَاتَمَ، فَإِنَّهُ ذَهَبٌ. فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ: " إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهَا ". قَالَ فَنَهَضَ السُّلْطَانُ عَنْ طَرَّاحَتِهِ، وَأَمَرَ بِرَفْعِ مَسْنَدِهِ، وَخَلَعَ الْخَاتَمَ مِنْ أُصْبُعِهِ، وَقَالَ: " قَدْ ضَمَمْت إلَيْك النَّظَرَ فِي أُمُورِ الشُّرْطَةِ "، فَمَا رَأَى النَّاسُ مُحْتَسِبًا أَهْيَبَ مِنْهُ.

{فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَكُونَ مُوَاظِبًا عَلَى سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ قَصِّ الشَّارِبِ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَظَافَةِ الثِّيَابِ وَتَقْصِيرِهَا، وَالتَّعَطُّرِ بِالْمِسْكِ وَنَحْوِهِ، وَجَمِيعِ سُنَنِ الشَّرْعِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ. هَذَا مَعَ الْقِيَامِ عَلَى الْفَرَائِضِ، وَالْوَاجِبَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَزْيَدُ فِي تَوْقِيرِهِ، وَأَنْفَى لِلطَّعْنِ فِي دِينِهِ. وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ يَطْلُبُ الْحِسْبَةَ بِمَدِينَةِ غَزْنَةَ، فَنَظَرَ السُّلْطَانُ فَرَأَى شَارِبَهُ قَدْ غَطَّى فَاهُ مِنْ طُولِهِ، وَأَذْيَالُهُ تُسْحَبُ عَلَى الْأَرْضِ. فَقَالَ لَهُ: " يَا شَيْخُ، اذْهَبْ فَاحْتَسِبْ عَلَى نَفْسِك، ثُمَّ عُدْ، وَاطْلُبْ الْحِسْبَةَ عَلَى النَّاسِ ".

{فَصْلٌ}: وَلْيَكُنْ [مِنْ] شِيمَتِهِ الرِّفْقُ، وَلِينُ الْقَوْلِ، وَطَلاَقَةُ الْوَجْهِ، وَسُهُولَةُ الْأَخْلاَقِ. عِنْدَ أَمْرِهِ لِلنَّاسِ وَنَهْيِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ، وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْت لَهُمْ، وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك}، وَلِأَنَّ الْإِفْرَاطَ فِي الزَّجْرِ رُبَّمَا أَغْرَى بِالْمَعْصِيَةِ، وَالتَّعْنِيفُ بِالْمَوْعِظَةِ تَمُجُّهُ الْأَسْمَاعُ، وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى الْمَأْمُونِ، فَأَمَرَهُ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ، وَأَغْلَظَ لَهُ فِي الْقَوْلِ، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: [يَا هَذَا،] إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك أَنْ يَلِينَ الْقَوْلَ لِمَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي، فَقَالَ لِمُوسَى، وَهَارُونَ: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}؛ ثُمَّ أَعْرَضَ [عَنْهُ]، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَنَالُ بِالرِّفْقِ مَا لاَ يَنَالُ بِالتَّعْنِيفِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ كُلَّ رَفِيقٍ، يُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى التَّعْنِيفِ}. وَلْيَكُنْ مُتَأَنِّيًا، غَيْرَ مُبَادِرٍ إلَى الْعُقُوبَةِ، وَلاَ يُؤَاخِذُ أَحَدًا بِأَوَّلِ ذَنْبٍ يَصْدُرُ [مِنْهُ]، وَلاَ يُعَاقِبُ [بِأَوَّلِ] زَلَّةٍ تَبْدُو؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ فِي الْخَلْقِ مَفْقُودَةٌ فِيمَا سِوَى الْأَنْبِيَاءِ [صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين] وَإِذَا عَثَرَ بِمَنْ نَقَصَ الْمِكْيَالَ، أَوْ بَخَسَ الْمِيزَانَ، أَوْ غَشَّ بِضَاعَةً أَوْ صِنَاعَةً بِمَا يَأْتِي وَصْفُهُ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْغُشُوشِ، اسْتَتَابَهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَوَعَظَهُ، وَخَوَّفَهُ، وَأَنْذَرَهُ الْعُقُوبَةَ، وَالتَّعْزِيرَ؛ فَإِنْ عَادَ إلَى فِعْلِهِ عَزَّرَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ [بِهِ] مِنْ التَّعْزِيرِ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَلاَ يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ وَيَتَّخِذُ [الْمُحْتَسِبُ] لَهُ سَوْطًا، وَدِرَّةً [، وَطُرْطُورًا]، وَغِلْمَانًا، وَأَعْوَانًا فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْعَبُ لِقُلُوبِ الْعَامَّةِ، وَأَشَدُّ خَوْفًا، وَيُلاَزِمُ الْأَسْوَاقَ، وَالدُّرُوبَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، وَيَتَّخِذُ لَهُ فِيهَا عُيُونًا، يُوَصِّلُونَ إلَيْهِ الْأَخْبَارَ، وَأَحْوَالَ السُّوقَةِ.

{فَصْلٌ}: وَمِنْ الشُّرُوطِ اللَّوَازِمِ لَلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، مُتَوَرِّعًا عَنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْمُتَعَيِّشِينَ، وَأَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ رِشْوَةٌ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ}؛ وَلِأَنَّ التَّعَفُّفَ عَنْ ذَلِكَ أَصَوْنُ لِعَرْضِهِ، وَأَقْوَمُ لِهَيْبَتِهِ، وَيُلْزِمُ [الْمُحْتَسِبُ] غِلْمَانَهُ، وَأَعْوَانَهُ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا تَتَطَرَّقُ التُّهْمَةُ إلَى الْمُحْتَسِبِ مِنْ غِلْمَانِهِ، وَأَعْوَانِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَخَذَ رِشْوَةً أَوْ قَبِلَ هَدِيَّةً صَرَفَهُ عَنْهُ، لِتَنْتَفِيَ عَنْهُ الظُّنُونُ، وَتَنْجَلِيَ عَنْهُ الشُّبُهَاتُ.



{الْبَابُ الثَّانِي: فِي النَّظَرِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَالطُّرُقَاتِ}


يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَسْوَاقُ فِي الِارْتِفَاعِ، وَالِاتِّسَاعِ عَلَى مَا وَضَعَتْهُ الرُّومُ قَدِيمًا، وَيَكُونَ مِنْ جَانِبَيْ السُّوقِ إفْرِيزَانِ يَمْشِي عَلَيْهِمَا النَّاسُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، إذَا لَمْ يَكُنْ السُّوقُ مُبَلَّطًا، وَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ السُّوقَةِ إخْرَاجُ مِصْطَبَةِ دُكَّانِهِ عَنْ سَمْتِ أَرْكَانِ السَّقَائِفِ إلَى الْمَمَرِّ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ عَلَى الْمَارَّةِ، يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ إزَالَتُهُ، وَالْمَنْعُ مِنْ فِعْلِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِالنَّاسِ. وَيَجْعَلُ لِأَهْلِ كُلِّ صَنْعَةِ مِنْهُمْ سُوقًا يَخْتَصُّ بِهِمْ، وَتُعْرَفُ صِنَاعَتُهُمْ [فِيهِ]، فَإِنَّ ذَلِكَ لِقُصَّادِهِمْ أَرْفَقُ، وَلِصَنَائِعِهِمْ أَنْفَقُ، وَمَنْ كَانَتْ صِنَاعَتُهُ تَحْتَاجُ إلَى وُقُودِ نَارٍ، كَالْخَبَّازِ وَ [الطَّبَّاخِ]، وَالْحَدَّادِ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْعِدَ حَوَانِيتَهُمْ عَنْ الْعَطَّارِينَ وَالْبَزَّازِينَ، لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَهُمْ، وَحُصُولِ الْأَضْرَارِ.

{فَصْلٌ}: وَلَمَّا لَمْ تَدْخُلْ الْإِحَاطَةُ بِأَفْعَالِ السُّوقَةِ تَحْتَ وُسْعِ الْمُحْتَسِبِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِأَهْلِ كُلِّ صَنْعَةٍ عَرِيفًا مِنْ صَالِحِ أَهْلِهَا، خَبِيرًا بِصِنَاعَتِهِمْ، بَصِيرًا بِغُشُوشِهِمْ وَتَدْلِيسَاتِهِمْ، مَشْهُورًا بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، يَكُونُ مُشْرِفًا عَلَى أَحْوَالِهِمْ، وَيُطَالِعُهُ بِأَخْبَارِهِمْ، وَمَا يُجْلَبُ إلَى سُوقِهِمْ مِنْ السِّلَعِ وَالْبَضَائِعِ، وَمَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْعَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَلْزَمُ الْمُحْتَسِبُ مَعْرِفَتَهَا. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ. {اسْتَعِينُوا عَلَى كُلِّ صَنْعَةٍ بِصَالِحِ أَهْلِهَا}.

{فَصْلٌ}: وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ تَسْعِيرُ الْبَضَائِعِ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلاَ أَنْ يُلْزِمَهُمْ بَيْعَهَا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ غَلاَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: {سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، وَإِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي نَفْسٍ، وَلاَ مَالٍ}. وَإِذَا رَأَى الْمُحْتَسِبُ أَحَدًا قَدْ احْتَكَرَ الطَّعَامَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْوَاتِ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الرَّخَاءِ، وَيَتَرَبَّصُ بِهِ [الْغَلاَءَ]، فَيَزْدَادُ ثَمَنُهُ، أَلْزَمهُ بَيْعَهُ إجْبَارًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِكَارَ حَرَامٌ، وَالْمَنْعُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ، وَاجِبٌ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ} وَلاَ يَجُوزُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَهُوَ أَنْ تَقْدُمَ قَافِلَةٌ فَيَلْتَقِيهِمْ إنْسَانٌ خَارِجَ الْبَلَدِ، فَيُخْبِرَهُمْ بِكَسَادِ مَا مَعَهُمْ لِيَبْتَاعَ مِنْهُمْ رَخِيصًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم {نَهَى عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَعِ حَتَّى يَهْبِطَ بِهَا إلَى السُّوقِ}. فَإِنْ عَثَرَ الْمُحْتَسِبُ بِمَنْ يَقْصِدُ ذَلِكَ رَدَعَهُ عَنْ فِعْلِهِ، بَعْدَ التَّعْزِيرِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ أَحْمَالَ الْحَطَبِ، وَأَعْدَالَ التِّبْنِ، وَرَوَايَا الْمَاءِ، وَشَرَائِجَ السِّرْجِينِ، وَالرَّمَادِ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، مِنْ الدُّخُولِ إلَى الْأَسْوَاقِ، لِمَا فِيهِ [مِنْ] الضَّرَرِ بِلِبَاسِ النَّاسِ، وَيَأْمُرُ جَلاَبِي الْحَطَبِ وَالتِّبْنِ، وَنَحْوِهِمْ إذَا، وَقَفُوا بِهَا فِي الْعِرَاصِ، أَنْ يَضَعُوا الْأَحْمَالَ عَنْ ظُهُورِ الدَّوَابِّ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَقَفَتْ، وَالْأَحْمَالُ عَلَيْهَا أَضَرَّتْهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لَهَا، وَقَدْ {نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ}، وَيَأْمُرُ أَهْلَ الْأَسْوَاقِ بِكَنْسِهَا وَتَنْظِيفِهَا مِنْ الْأَوْسَاخِ، وَالطِّينِ الْمُجْتَمِعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِالنَّاسِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ {لاَ ضَرَرَ، وَلاَ إضْرَارَ}.

{فَصْلٌ}: وَأَمَّا الطُّرُقَاتُ، وَدُرُوبُ الْمَحَلاَتِ، فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ إخْرَاجُ جِدَارِ [دَارِهِ، وَلاَ دُكَّانِهِ] فِيهَا إلَى الْمَمَرِّ الْمَعْهُودِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِيهِ أَذِيَّةٌ، وَإِضْرَارٌ عَلَى السَّالِكِينَ، كَالْمَيَازِيبِ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْحِيطَانِ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، وَمَجَارِي الْأَوْسَاخِ الْخَارِجَةِ مِنْ الدُّورِ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ إلَى وَسَطِ الطَّرِيقِ. بَلْ يَأْمُرُ الْمُحْتَسِبُ أَصْحَابَ الْمَيَازِيبِ أَنْ يَجْعَلُوا عِوَضَهَا مَسِيلًا مَحْفُورًا فِي الْحَائِطِ مُكَلَّسًا، يَجْرِي فِيهِ مَاءُ السَّطْحِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ فِي دَارِهِ مَخْرَجٌ لِلْوَسَخِ إلَى الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهُ سَدَّهُ فِي الصَّيْفِ، وَيَحْفِرُ لَهُ فِي الدَّارِ حُفْرَةً يَجْتَمِعُ إلَيْهَا. وَلاَ يَجُوزُ التَّطَلُّعُ عَلَى الْجِيرَانِ مِنْ السُّطُوحَاتِ، وَالنَّوَافِذِ، وَلاَ أَنْ يَجْلِسَ الرِّجَالُ فِي طُرُقَاتِ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ [وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ لاَ يَجْلِسْنَ عَلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِنَّ فِي طُرُقَاتِ الرِّجَالِ]. فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَزَّرَهُ الْمُحْتَسِبُ، سِيَّمَا إذَا رَأَى رَجُلًا أَجْنَبِيًّا مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ يَتَحَدَّثَانِ فِي مَوْضِعِ خَلْوَةٍ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ لِلتُّهْمَةِ فِي حَقِّهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي مَعْرِفَةِ الْقَنَاطِيرِ، وَالْأَرْطَالِ وَالْمَثَاقِيلِ، وَالدَّرَاهِمِ}


لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ [أُصُولُ] الْمُعَامَلاَتِ، وَبِهَا اعْتِبَارُ الْمَبِيعَاتِ، لَزِمَ الْمُحْتَسِبَ مَعْرِفَتُهَا، وَتَحْقِيقُ كَمَيِّتِهَا، لِتَقَعَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مِنْ غَيْرِ غَبْنٍ، عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ. وَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ كُلِّ إقْلِيمٍ وَبَلَدٍ [فِي الْمُعَامَلَةِ] عَلَى أَرْطَالٍ تَتَفَاضَلُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، سِيَّمَا أَهْلُ الشَّامِ خَاصَّةً، وَسَأَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا لاَ يَسَعُ الْمُحْتَسِبَ جَهْلُهُ، لِيَعْلَمَ تَفَاوُتَ الْأَسْعَارِ. أَمَّا الْقِنْطَارُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ الْعَظِيمُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، فَقَدْ قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ " هُوَ أَلْفٌ، وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ "؛ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: " هُوَ مِلْءُ مِسْكِ ثَوْرٍ ذَهَبًا ".

وَأَمَّا الْقِنْطَارُ الْمُتَعَارَفُ فَهُوَ مِائَةُ رِطْلٍ، وَالرِّطْلُ سِتُّمِائَةٍ، وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا، وَهُوَ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً. وَالْأُوقِيَّةُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا. هَذَا رِطْلُ شَيْزَرٍ، الَّذِي رَسَمَهُ بِهَا بَنُو مُنْقِذٍ.

وَأَمَّا رِطْلُ حَلَبَ فَهُوَ سَبْعُمِائَةٍ، وَأَرْبَعَةٌ، وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَأُوقِيَّتُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا، وَثُلُثُ دِرْهَمٍ، وَرِطْلُ دِمَشْقَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأُوقِيَّتُهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا؛ وَرِطْلُ حِمْصَ ثَمَانُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ، وَسِتُّونَ دِرْهَمًا، وَأُوقِيَّتُهَا اثْنَانِ، وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا، وَرِطْلُ حَمَاةَ سِتُّمِائَةٍ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا، وَأُوقِيَّتُهَا خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَرِطْلُ الْمَعَرَّةِ مِثْلُ الْحِمْصِيِّ. [وَرِطْلُ مِصْرَ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى - مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ، وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَأُوقِيَّتُهَا اثْنَا عَشْرَ دِرْهَمًا].، وَالْمَنُّ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا، وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ نِصْفُ الْمَنِّ.

{فَصْلٌ}:، وَأَمَّا الْمِثْقَالُ فَهُوَ دِرْهَمٌ، وَدَانِقَانِ، وَنِصْفٌ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا، وَهُوَ خَمْسٌ، وَثَمَانُونَ حَبَّةً، وَالدِّرْهَمُ الشَّامِيُّ سِتُّونَ حَبَّةً، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ صَنْجُ أَهْلِ الشَّامِ أَيْضًا، فَالْمِثْقَالُ بِشَيْزَرٍ يَزِيدُ عَلَى مِثْقَالِ حَلَبَ نِصْفَ قِيرَاطٍ، وَمِثْقَالُ حَمَاةَ مِثْلُ الشَّيْزَرِيِّ، وَمِثْقَالُ دِمَشْقَ يَزِيدُ عَلَى الشَّيْزَرِيِّ "، وَمِثْقَالُ الْمَعَرَّةِ مِثْلُ الدِّمَشْقِيِّ.

{فَصْلٌ}: وَقُفْزَانُ الْمَكِيلاَتِ، وَمَكَاكِيكُهَا مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا، فَالْقَفِيزُ بِشَيْزَرَ سِتَّةَ عَشْرَ سُنْبُلًا، وَهُوَ مِكْيَالٌ مُتَعَارَفٌ فِيهَا، يَسْعَ رِطْلًا وَنِصْفًا بِالشَّيْزَرِيِّ؛، وَالْقَفِيزُ الْحَمَوِيُّ يَنْقُصُ عَنْ الشَّيْزَرِيِّ، سُنْبُلَيْنِ، وَالْقَفِيزُ الْحِمْصِيُّ مِثْلُ الْحَمَوِيِّ.، وَالْمَكُّوكُ الْحَلَبِيُّ يَزِيدُ عَلَى الْقَفِيزِ الشَّيْزَرِيِّ ثَلاَثَ سَنَابِلَ، وَالْمَعَرِّيُّ مِثْلُهُ، وَهُوَ أَرْبَعُ مَرَازِيبَ، كُلُّ مَرْزُبَانِ أَرْبَعَةُ أَكْيَالٍ بِالْحَلَبِيِّ؛، وَالْغِرَارَةُ الدِّمَشْقِيَّةُ ثَلاَثَةُ مَكَاكِيكَ بِالْحَلَبِيِّ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْتُهُ غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ، وَإِنَّمَا اصْطَلَحَ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى شَيْءٍ فِي زَمَنِ سُلْطَانٍ، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ السُّلْطَانُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي مَعْرِفَةِ الْمَوَازِينِ وَالْمَكَايِيلِ، وَعِيَارِ الْأَرْطَالِ وَالْمَثَاقِيلِ}


أَصَحُّ الْمَوَازِينِ، وَضْعًا مَا اسْتَوَى جَانِبَاهُ، وَاعْتَدَلَتْ كَفَّتَاهُ، وَكَانَ ثَقْبُ عِلاَقَتِهِ فِي جَانِبَيْ، وَسَطِ الْقَصَبَةِ فِي ثُلُثِ سُمْكِهَا، فَيَكُونُ تَحْتَ مِرْوَدِ الْعِلاَقَةِ الثُّلُثُ، وَمِنْ فَوْقِهِ الثُّلُثَانِ. وَهَذَا يُعْرَفُ رُجْحَانُهُ بِخُرُوجِ اللِّسَانِ مِنْ قُبِّ الْعِلاَقَة، وَتَهْبِطُ الْكِفَّةُ سَرِيعًا بِأَدْنَى شَيْءٍ. وَأَمَّا الشَّوَاهِينُ الدِّمَشْقِيَّةُ، فَوَضْعُ ثَقْبِ عَلاَئِقهَا بِخِلاَفِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُعْرَفُ رُجْحَانُهَا بِدُخُولِ اللِّسَانِ فِي قُبِّ الْعِلاَقَةِ مِنْ غَيْرِ هُبُوطِ الْكِفَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ مِرْوَدُ الْعِلاَقَةِ مُرَبَّعًا وَمُثَلَّثًا، وَمُدَوَّرًا، وَأَجْوَدُهَا الْمُثَلَّثُ؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ رُجْحَانًا مِنْ غَيْرِهِ.

وَيَأْمُرُ [الْمُحْتَسِبُ] أَصْحَابَ الْمَوَازِينِ بِمَسْحِهَا وَتَنْظِيفِهَا مِنْ الْأَدْهَانِ، وَالْأَوْسَاخِ، وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَجْمُدُ فِيهَا قَطْرٌ مِنْ [الدُّهْنِ]، فَيَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ. وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا شَرَعَ فِي الْوَزْنِ أَنْ يُسَكِّنَ الْمِيزَانَ، وَيَضَعَ فِيهَا الْبِضَاعَةَ بِرِفْقٍ، وَلاَ يَرْفَعُ يَدَهُ فِي حَالِ الْوَضْعِ لَهَا، وَلاَ يُحَلِّقُ الْبِضَاعَةَ مِنْ يَدِهِ فِي الْكِفَّةِ تَحْلِيقًا، وَلاَ يَهُزُّ حَافَّةَ الْكِفَّةِ بِإِبْهَامِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بَخْسٌ. وَمِنْ الْبَخْسِ الْخَفِيِّ فِي مِيزَانٍ أَنْ يَرْفَعَهُ بِيَدِهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، ثُمَّ يَنْفُخُ عَلَى الْكِفَّةِ الَّتِي فِيهَا الْمَتَاعُ نَفْخًا خَفِيفًا، فَيَرْجَحُ بِمَا فِيهِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَكُونُ عَيْنُهُ إلَى الْمِيزَانِ، لاَ إلَى فَمِ صَاحِبِهِ. وَلَهُمْ فِي مَسْكِ عَلاَقَةِ الْمِيزَانِ صِنَاعَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْبَخْسُ [وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُلْصِقُونَ فِي قَعْرِ الْكِفَّةِ الْوَاحِدَةِ قِطْعَةً مِنْ الشَّمْعِ، ثُمَّ يَجْعَلُونَ الصَّنْجَ فِيهَا، وَيَجْعَلُونَ الْفِضَّةَ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، فَيَأْخُذُونَ فِي الدِّرْهَمِ الْحَبَّةَ، وَالْحَبَّتَيْنِ]؛ فَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالْقَبَّانُ الرُّومِيُّ أَصَحُّ مِنْ [الْقَبَّانِ] الْقِبْطِيِّ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَبِرَهُ الْمُحْتَسِبُ بَعْدَ كُلِّ حِينٍ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا اعْوَجَّ مِنْ شَيْلِ الْأَثْقَالِ فَيَفْسُدُ.

{فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي [لِلْبَائِعِ] أَنْ يَتَّخِذَ الْأَرْطَالَ وَالْأَوَاقِي مِنْ الْحَدِيدِ، وَتُعَيَّرُ عَلَى الصَّنْجِ الطَّيَّارَةِ، وَلاَ يَتَّخِذُهَا مِنْ الْحِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْتَحِتُ إذَا قَرَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا " فَتَنْقُصُ. فَإِذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اتِّخَاذِهَا [مِنْ الْحِجَارَةِ] لِقُصُورِ يَدِهِ عَنْ اتِّخَاذِهَا [مِنْ] الْحَدِيدِ أَمَرَهُ الْمُحْتَسِبُ بِتَجْلِيدِهَا، ثُمَّ يَخْتِمُهَا [الْمُحْتَسِبُ] بَعْدَ الْعِيَارِ. وَيُجَدِّدُ [الْمُحْتَسِبُ] النَّظَرَ فِيهَا بَعْدَ كُلِّ حِينٍ، لِئَلاَ يَتَّخِذَ [الْبَائِعُ] مِثْلَهَا مِنْ الْخَشَبِ، وَلاَ يَكُونُ فِي الْحَانُوتِ الْوَاحِدِ دَسْتَانِ مِنْ أَرْطَالٍ، وَأَوَاقٍ أَوْ صَنْجٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهَا تُهْمَةٌ فِي حَقِّهِ، وَلاَ يَتَّخِذُ [الْبَائِعُ] ثُلُثَ رِطْلٍ، وَلاَ ثُلُثَ أُوقِيَّةٍ، وَلاَ ثُلُثَ دِرْهَمٍ لِمُقَارَبَتِهِ لِلنِّصْفِ، وَرُبَّمَا اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ فِي حَالِ الْوَزْنِ عِنْدَ كَثْرَةِ الزَّبُونِ. وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَفَقَّدَ عِيَارَ الصَّنْجِ، وَالْحَبَّاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَصْحَابِهَا، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ حَبَّاتِ الشَّعِيرِ، وَالْحِنْطَةِ فَيَنْقَعُهَا فِي بَعْضِ الْأَدْهَانِ الْمَعْرُوفَةِ، ثُمَّ يَغْرِسُ فِيهَا رُءُوسَ الْإِبَرِ، ثُمَّ [يُجَفِّفَهَا فِي الظِّلِّ]، فَتَعُودَ إلَى سِيرَتِهَا الْأُولَى، وَلاَ يَظْهَرُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

{فَصْلٌ}: وَالْمِكْيَالُ الصَّحِيحُ مَا اسْتَوَى أَعْلاَهُ وَأَسْفَلُهُ فِي الْفَتْحِ، وَالسِّعَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُحْصَرًا، وَلاَ أَزْوَرَ، وَلاَ بَعْضُهُ دَاخِلًا وَبَعْضُهُ خَارِجًا [وَإِنْ كَانَ فِي أَسْفَلِهِ طَوْقٌ مِنْ حَدِيدٍ كَانَ أَحْفَظَ لَهُ]، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشَدَّ بِالْمَسَامِيرِ، لِئَلاَ يَصْعَدَ فَيَزِيدَ، أَوْ يَنْزِلَ فَيَنْقُصَ، وَأَجْوَدُ مَا عُيِّرَتْ بِهِ الْمَكَايِيلُ الْحُبُوبُ الصِّغَارُ الَّتِي لاَ تَخْتَلِفُ فِي الْعَادَةِ، مِثْلُ الْكُسْفُرَةِ، وَالْخَرْدَلِ، وَالْبِزْرِ قُطُونًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ فِي كُلِّ حَانُوتٍ ثَلاَثَةُ مَكَايِيلَ، مِنْهَا مِكْيَالٌ، وَنِصْفُ مِكْيَالٍ، وَثُمْنُ مِكْيَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى اتِّخَاذِ ذَلِكَ. وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُجَدِّدَ النَّظَرَ فِي الْمَكَايِيلِ، وَيُرَاعِي مَا يُطَفِّفُونَ بِهِ الْمِكْيَالَ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَصُبُّ فِي أَسْفَلِهِ الْجِبْسَيْنِ الْمُدْبِرِ فَيُلْصِقُ بِهِ لَصْقًا لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ، وَمِنْهُمْ مِنْ يُلْصِقُ فِي [أَسْفَلِهِ] وَجَوَانِبِهِ الْكُسْبَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ لَبَنَ التِّينِ وَيَعْجِنُهُ بِالزَّيْتِ حَتَّى يَصِيرَ فِي قَوَامِ الْمَرْهَمِ، ثُمَّ يُلْصِقُهُ فِي دَاخِلِ الْمِكْيَالِ فَلاَ يُعْرَفُ. وَلَهُمْ فِي مَسْكِ الْمِكْيَالِ صِنَاعَةٌ يَحْصُلُ بِهَا التَّطْفِيفُ، فَلاَ يَدَعُ التَّجَسُّسَ عَلَيْهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ الْخَامِسُ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْحُبُوبِيِّينَ، وَالدَّقَّاقِينَ}


يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ احْتِكَارُ الْغَلَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ، وَلاَ يَخْلِطُونَ رَدِيءَ الْحِنْطَةِ بِجَيِّدِهَا وَلاَ عَتِيقَهَا بِجَدِيدِهَا، فَإِنَّهُ تَدْلِيسٌ عَلَى النَّاسِ وَإِذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى غَسْلِ الْغَلَّةِ جُفِّفَتْ بَعْدً غَسْلِهَا تَجْفِيفًا بَلِيغًا، ثُمَّ بِيعَتْ مُنْفَرِدَةً.

{فَصْلٌ}: وَيَلْزَمُ الدَّقَّاقِينَ غَرْبَلَةُ الْغَلَّةِ مِنْ التُّرَابِ، وَتَنْقِيَتُهَا مِنْ الزُّوَانِ، وَتَنْظِيفُهَا مِنْ الْغُبَارِ قَبْلَ طَحْنِهَا، وَلَهُمْ أَنْ يَرُشُّوا عَلَى الْحِنْطَةِ مَاءً يَسِيرًا عِنْدَ طَحْنِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْسُو الدَّقِيقَ بَيَاضًا، وَجَوْدَةً. وَيَعْتَبِرُ [عَلَيْهِمْ] الْمُحْتَسِبُ الدَّقِيقَ، فَإِنَّهُمْ رُبَّمَا خَلَطُوا فِيهِ دَقِيقَ الشَّعِيرِ الْمَنْخُولِ، أَوْ دَقِيقَ الْبَاقِلاَ، وَالْحِمَّصِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ مَا هُوَ مَطْحُونٌ عَلَى رَحًى مَنْقُورَةٍ، أَوْ مَا خَالَطَهُ زُوَانٌ أَوْ غُبَارُ الطَّاحُونِ، فَإِنْ ارْتَابَ بِهِمْ حَلَّفَهُمْ أَنْ لاَ يَعْمَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَالْمَصْلَحَةُ أَنْ يَجْعَلَ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ، وَظَائِفَ يَرْفَعُونَهَا إلَى حَوَانِيتِ الْخَبَّازِينَ فِي كُلِّ يَوْمٍ.



{الْبَابُ السَّادِسُ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْخَبَّازِينَ}


يَنْبَغِي أَنْ تُرْفَعَ سَقَائِفُ حَوَانِيتِهِمْ، وَتُفْتَحَ أَبْوَابُهَا، وَيُجْعَلُ فِي سُقُوفِ الْأَفْرَانِ مَنَافِسُ، وَاسِعَةٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الدُّخَانُ، لِئَلاَ يَتَضَرَّرَ [بِذَلِكَ النَّاسُ]، وَإِذَا فَرَغَ [الْخَبَّازُ] مِنْ إحْمَائِهِ، مَسَحَ دَاخِلَ التَّنُّورِ بِخِرْقَةٍ [نَظِيفَةٍ]، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُبْزِ، وَيَكْتُبُ الْمُحْتَسِبُ فِي دَفْتَرِهِ أَسْمَاءَ الْخَبَّازِينَ وَمَوَاضِعَ حَوَانِيتِهِمْ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُوهُ إلَى مَعْرِفَتِهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِنَظَافَةِ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَتَغْطِيَتِهَا، وَغَسِيلِ الْمَعَاجِنِ وَنَظَافَتِهَا، وَمَا يُغَطَّى بِهِ الْخُبْرُ، وَمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَعْجِنُ الْعَجَّانُ بِقَدَمَيْهِ، وَلاَ بِرُكْبَتَيْهِ، وَلاَ بِمِرْفَقَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَهَانَةً لِلطَّعَامِ، وَرُبَّمَا قَطَرَ فِي الْعَجِينِ شَيْءٌ مِنْ عَرَقِ إبْطَيْهِ، وَبَدَنِهِ، فَلاَ يَعْجِنُ إلاَ، وَعَلَيْهِ مِلْعَبَةٌ أَوْ بِشَتٍّ مَقْطُوعِ الْأَكْمَامِ، وَيَكُونُ مُلَثَّمًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَطَسَ أَوْ تَكَلَّمَ، فَقَطَرَ شَيْءٌ مِنْ بُصَاقِهِ أَوْ مُخَاطِهِ فِي الْعَجِينِ، وَيَشُدُّ عَلَى جَبِينِهِ عِصَابَةً بَيْضَاءَ، لِئَلاَ يَعْرَقَ فَيَقْطُرُ مِنْهُ شَيْءٌ [فِي الْعَجِينِ]، وَيَحْلِقُ شَعْرَ ذِرَاعَيْهِ لِئَلاَ يَسْقُطَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْعَجِينِ، وَإِذَا عَجَنَ فِي النَّهَارِ فَلْيَكُنْ عِنْدَهُ إنْسَانٌ فِي يَدِهِ مَذَبَّةٌ يَطْرُدُ عَنْهُ الذُّبَابَ. هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ نَخْلِ الدَّقِيقِ بِالْمَنَاخِلِ السَّفِيقَةِ مِرَارًا.

{فَصْلٌ}: وَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ الْمُحْتَسِبُ مَا يَغُشُّونَ بِهِ الْخُبْزَ، مِنْ الْجِلْبَانِ، وَالْبَيْسَارِ، فَإِنَّهُمَا يُوَرِّدَانِ، وَجْهَ الْخُبْزِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهُ بِدَقِيقِ الْحِمَّصِ وَدَقِيقِ الْأَرُزِّ؛ لِأَنَّهُمَا يُثْقِلاَنِهِ وَيُفَجِّجَانِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْجِنُ الْخَشْكَارَ أَوْ دَقِيقَ الشَّعِيرِ أَوْ الدَّقِيقِ الْمُزَوَّنِ ثُمَّ يُبْطِنُ بِهِ الْخُبْزَ الْخَاصَّ عِنْدَ نَفَاقِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَى وَجْهِ الْخُبْزِ، وَفِي مَنْظَرِهِ، وَمُكَسَّرِهِ. وَيَمْنَعُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] أَنْ يَضَعُوا فِيهِ [الْبُورَقُ، فَإِنَّهُ] مُضِرٌّ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُ يُحَسِّنُ، وَجْهَ الْخُبْزِ، وَلاَ يَخْبِزُونَهُ حَتَّى يَخْتَمِرَ، فَإِنَّ الْفَطِيرَ ثَقِيلٌ فِي الْوَزْنِ وَالْمَعِدَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَلِيلَ الْمِلْحِ، فَيَمْنَعُهُمْ الْمُحْتَسِبُ مِنْ فِعْلِهِ، فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَهُ لِأَجْلِ رَزَانَتِهِ فِي الْمِيزَانِ، وَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْشُرُوا عَلَى وَجْهِهِ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ الصَّالِحَةِ لَهُ، مِثْلَ الْكَمُّونِ الْأَبْيَضِ، وَالشُّونِيزِ، وَالسِّمْسِمِ [وَالْمَصْطَكَى]، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلاَ يُخْرِجُونَ الْخُبْزَ مِنْ التَّنُّورِ حَتَّى يَنْضَجَ [حَقَّ] نُضْجِهِ، مِنْ غَيْرِ احْتِرَاقٍ فِيهِ، وَالْمَصْلَحَةُ [أَنْ يَجْعَلَ] عَلَى كُلِّ حَانُوتٍ، وَظِيفَةً يَخْبِزُونَهَا كُلَّ يَوْمٍ، لِئَلاَ يَخْتَلَّ الْبَلَدُ عِنْدَ قِلَّةِ الْخُبْزِ، وَيُلْزِمُهُمْ ذَلِكَ إنْ امْتَنَعُوا مِنْهُ.



{الْبَابُ السَّابِعُ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْفَرَّانِينَ}


يُفَرِّقُهُمْ الْمُحْتَسِبُ عَلَى الدُّرُوبِ، وَالْمَحَالِّ وَأَطْرَافِ الْبَلَدِ، لِمَا فِيهِمْ مِنْ الْمَرَافِقِ وَعِظَمِ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِإِصْلاَحِ الْمَدَاخِنِ، وَتَنْظِيفِ بَلاَطِ الْفُرْنِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ، مِنْ اللُّبَابِ الْمُحْتَرِقِ، وَالشَّرَرِ الْمُتَطَايِرِ، وَالرَّمَادِ الْمُتَنَاثِرِ، لِئَلاَ يَلْصَقَ فِي أَسْفَلِ الْخُبْزِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيَجْعَلُ [الْفَرَّانُ] بَيْنَ يَدَيْهِ إجَّانَةً نَظِيفَةً لِلْمَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُبْزِ أَرَاقَ مَا بَقِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ فِيهَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، ثُمَّ يَغْسِلُهَا مِنْ الْغَدِ، وَيَتَعَاهَدُ جُرُفَ الدُّفِّ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَجِينَ يَلْصَقُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَثُرَتْ عِنْدَهُ أَطْبَاقُ الْعَجِينِ لِلنَّاسِ، أَخْرَجَ خُبْزَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَلاَمَةٍ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ، لِئَلاَ يَخْتَلِطَ الْجَمِيعُ فَلاَ يُعْرَفُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَخْبِزَانِ: أَحَدُهُمَا - لِلْخُبْزِ، وَالْآخَرُ - لِلسَّمَكِ، وَيَجْعَلُ السَّمَكَ بِمَعْزِلٍ عَنْ الْخُبْزِ، لِئَلاَ يَسِيلَ شَيْءٌ مِنْ دُهْنِهِ عَلَى الْخُبْزِ، وَلاَ يَأْخُذُ مِنْ الْعَجِينِ زِيَادَةً عَمَّا جُعِلَ لَهُ. وَقَدْ يَكُونُ الدُّفُّ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ مَثْقُوبًا، أَوْ يَكُونُ قِطْعَتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ، فَإِذَا أَخَذَ دَقِيقَ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَنَحَتَهُ بِأَصَابِعِهِ، فَيَنْزِلُ مِنْ بَيْنِ الدَّفَّتَيْنِ إلَى إجَّانَةٍ [أُخْرَى] لَهُ؛ فَيُرَاعِيهِ الْمُحْتَسِبُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَكُونُ غِلْمَانُهُمْ، وَأُجَرَاؤُهُمْ صِبْيَانًا دُونَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ بُيُوتَ النَّاسِ [، وَعَلَى نِسَائِهِمْ]، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الْحِسْبَةِ عَلَى صُنَّاعِ الزَّلاَبِيَةِ}


يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَقْلَى الزَّلاَبِيَةِ مِنْ النُّحَاسِ الْأَحْمَرِ الْجَيِّدِ، فَأَوَّلُ مَا يُحْرَقُ فِيهِ النُّخَالَةُ، ثُمَّ يُدَلِّكُهُ بِوَرَقِ الصَّلْقِ إذَا بَرَدَ، ثُمَّ يُعَادُ إلَى النَّارِ، وَيُجْعَلُ فِيهِ قَلِيلٌ [مِنْ] عَسَلٍ، وَيُوقَدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْتَرِقَ الْعَسَلُ ثُمَّ يُجْلَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَدْقُوقِ الْخَزَفِ، ثُمَّ يُغْسَلُ وَيُسْتَعْمَلُ، فَإِنَّهُ يُنَقَّى مِنْ وَسَخِهِ، وَزِنْجَارِهِ.

{فَصْلٌ}: وَيَكُونُ ثُلُثُ دَقِيقِ الزَّلاَبِيَةِ نَاعِمًا [وَثُلُثَاهُ] سَمِيذًا خُشْكَنَانِيًّا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَثُرَ فِيهِ السَّمِيذُ زَادَتْ الزَّلاَبِيَةُ بَيَاضًا، وَخِفَّةً فِي الْوَزْنِ، وَنُضْجًا غَيْر أَنَّ السَّمِيذَ يَشْرَبُ مِنْ الزَّيْتِ أَكْثَرَ مِنْ النَّاعِمِ، فَلِهَذَا يَكْرَهُونَهُ، وَأَجْوَدُ مَا قُلِيَتْ بِهِ الشَّيْرَجُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالزَّيْتُ الصَّافِي. وَلاَ يَشْرَعُ فِي قَلْيِهَا حَتَّى يَخْتَمِرَ عَجْنُهَا، وَعَلاَمَةُ اخْتِمَارِهَا أَنَّهَا تَطْفُو عَلَى وَجْهِ الزَّيْتِ، وَالْفَطِيرِ مِنْهَا يَرْسُبُ فِي أَسْفَلِ الْمَقْلَى، وَالْمُخْتَمِرُ أَيْضًا يَكُونُ مِثْلَ الْأَنَابِيبِ، إذَا جَمَعْتهَا فِي كَفِّك اجْتَمَعَتْ، وَالْفَطِيرُ تَكُونُ مَرْضُوضَةً، وَلَيْسَ فِيهَا تَجْوِيفٌ. وَلاَ يُجْعَلُ فِي عَجِينِهَا مِلْحٌ؛ لِأَنَّهَا تُؤْكَلُ بِالْعَسَلِ؛ فَتَغْثَى النَّفْسُ إذَا كَانَتْ بِالْمِلْحِ، وَأَمَّا سَوَادُ الزَّلاَبِيَةِ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ وَسَخِ الْمَقْلَى، وَقَدْ يَكُونُ دَقِيقُهَا نَاعِمًا لاَ سَمِيذَ فِيهِ، أَوْ تَكُونُ مَقْلُوَّةً بِالزَّيْتِ الْمُعَادِ، وَهُوَ الَّذِي قُلِيَ بِهِ، وَرُبَّمَا تَكُونُ فَطِيرًا فَتَسْوَدُّ، وَرُبَّمَا جَارَتْ عَلَيْهَا النَّارُ لِسُوءِ الصِّنَاعَةِ؛ فَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ الْمُحْتَسِبُ جَمِيعَ ذَلِكَ. وَيَنْبَغِي أَنْ تُصْنَعَ سَلاَلِمًا صِغَارًا لِطَافًا كُلُّ أَرْبَعِينَ مِنْهَا رِطْلٌ، وَمَتَى حَمُضَ عَجِينُهَا جَعَلَهُ [الصَّانِعُ] خَمِيرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ التَّاسِعُ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْجَزَّارِينَ، وَالْقَصَّابِينَ}


يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْجَزَّارُ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا، يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَأَنْ يَنْحَرَ الْإِبِلَ مَعْقُولَةً، وَيَذْبَحَ الْبَقَرَ، وَالْغَنَمَ مُضْطَجِعَةً عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْسَرِ؛ فَجَمِيعُ ذَلِكَ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلاَ يَجُرُّ الشَّاةَ بِرِجْلِهَا جَرًّا عَنِيفًا، وَلاَ يَذْبَحُ بِسِكِّينٍ كَالَّةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَيَلْزَمُهُ فِي الذَّبْحِ أَنْ يَقْطَعَ الْوَدَجَيْنِ وَالْمَرِيءَ، وَالْحُلْقُومَ، وَلاَ يَشْرَعَ فِي السَّلْخِ بَعْدَ الذَّبْحِ حَتَّى تَبْرُدَ الشَّاةُ، وَيَخْرُجَ مِنْهَا الرُّوحُ؛؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْمَدِينَةِ، " لاَ تُسْلَخُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ حَتَّى تَبْرُدَ ". وَتَجُوزُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ شَيْءٍ إلاَ السِّنَّ، وَالظُّفْرَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الذَّكَاةِ بِهِمَا، وَيُنْهِي الْمُحْتَسِبُ عَنْ نَفْخِ لَحْمِ الشَّاةِ بَعْدَ السَّلْخِ؛ لِأَنَّ نَكْهَةَ الْآدَمِيِّ تُغَيِّرُ اللَّحْمَ، وَتُزَفِّرُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَشُقُّ اللَّحْمَ مِنْ الصِّفَاقَيْنِ، وَيَنْفُخُ فِيهِ الْمَاءَ، وَلَهُمْ أَمَاكِنُ يَعْرِفُونَهَا فِي اللَّحْمِ يَنْفُخُونَ فِيهَا الْمَاءَ فَيُرَاعِيهِمْ الْمُحْتَسِبُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْعَرِيفِ، وَمِنْهُمْ مِنْ يُشْهِرُ فِي الْأَسْوَاقِ الْبَقَرَ السِّمَانَ، ثُمَّ يَذْبَحُ غَيْرَهَا، وَهَذَا تَدْلِيسٌ.

{فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْقَصَّابُونَ فَيَمْنَعُهُمْ الْمُحْتَسِبُ مِنْ إخْرَاجِ تُوَالِي اللَّحْمِ مِنْ حَدِّ مَصَاطِبِ حَوَانِيتِهِمْ، بَلْ تَكُونُ مُتَمَكِّنَةً فِي الدُّخُولِ عِنْدَ حَدِّ الْمِصْطَبَةِ وَالرُّكْنَيْنِ، لِئَلاَ تُلاَصِقُهَا ثِيَابُ النَّاسِ فَيَتَضَرَّرُونَ بِهَا. وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يُفْرِدُوا لُحُومَ الْمَعْزِ عَنْ لُحُومِ الضَّأْنِ، وَلاَ يَخْلِطُوا بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَيُنَقِّطُوا لُحُومَ الْمَعْزِ بِالزَّعْفَرَانِ، لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا، وَتَكُونُ أَذْنَابُ الْمَعْزِ مُعَلَّقَةً عَلَى لُحُومِهَا إلَى آخِرِ الْبَيْعِ، وَيُعْرَفُ لَحْمُ الْمَعْزِ بِبَيَاضِ شَحْمِهِ، وَدِقَّةِ ضِلْعِهِ. وَلاَ يَخْلِطُونَ لُحُومَ الْمَعْزِ بِشُحُومِ الضَّأْنِ، وَلاَ اللَّحْمَ السَّمِينَ بِاللَّحْمِ الْهَزِيلِ، وَيُعْرَفُ شَحْمُ الْمَعْزِ بِبَيَاضِهِ، وَصَفَائِهِ، وَشَحْمُ الضَّأْنِ بِعُلُوِّ صُفْرَتِهِ. وَيَأْمُرُهُمْ بِبَيْعِ الْأَلْيَاتِ مُفْرَدَةً عَنْ اللَّحْمِ، وَلاَ يُخَالِطُهَا جِلْدٌ، وَلاَ لَحْمٌ. وَإِذَا فَرَغَ [الْقَصَّابُ] مِنْ الْبَيْعِ، وَأَرَادَ الِانْصِرَافَ أَخَذَ مِلْحًا مَسْحُوقًا، وَنَثَرَهُ عَلَى الْقِرْمِيَّةِ الَّتِي يُقَصِّبُ عَلَيْهَا اللَّحْمَ، لِئَلاَ تَلْحَسَهَا الْكِلاَبُ، أَوْ يَدِبَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِلْحًا، وَإِلاَ فَالْأُشْنَانُ الْمَسْحُوقُ يَقُومُ مَقَامَهُ. وَالْمَصْلَحَةُ أَنْ لاَ يُشَارِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لِئَلاَ يَتَّفِقُوا عَلَى سِعْرٍ وَاحِدٍ. وَيَمْنَعُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ [الْقَصَّابُ] الشَّاةَ بِأَرْطَالِ لَحْمٍ مَعْلُومَةٍ، وَيَدْفَعَ إلَيْهِ [الْجَزَّارُ] كُلَّ يَوْمٍ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا شَكَّ الْمُحْتَسِبُ فِي الْحَيَوَانِ - هَلْ هُوَ مَيْتَةٌ أَوْ مَذْبُوحٌ - أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ، فَإِنْ رَسَبَ فَهُوَ مَذْبُوحٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْسُبْ فَهُوَ مَيْتَةٌ، وَكَذَلِكَ الْبَيْضُ إذَا طُرِحَ فِي الْمَاءِ، فَمَا كَانَ مَذِرًا فَهُوَ يَطْفُو، وَمَا كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ يَرْسُبُ. وَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَى صَيَّادِي الْعَصَافِيرِ، وَسَائِرِ الطُّيُورِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ دِينَ ل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://wwwalhaora.yoo7.com
 
نهاية الرتبة في طلب الحسبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نهاية الرتبة في طلب الحسبة 2
» نهاية الرتبة في طلب الحسبة 3
» نهاية ظالم
» نهاية مؤسفة
» نهاية ذئب بشري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحب والرومنسيه :: المنتدي الاسلامي :: مكتوبات عن الموت-
انتقل الى: