8 - وتوجد نسخة خطية في مكتبة الحرم المكي مقابلة على نسخة المؤلف . ورد ذكرها في طبعة دار الفكر الصادرة عام 1385 ه في ( 7 ) أجزاء . طبعاته أما طبعاته فهي كثيرة جدا نذكر منها الطبعات الاصلية دون المصورة حسب التسلسل الزمني لتاريخ صدورها : / صفحة 25 / 1 - طبع لاول مرة بهامش " فتح البيان في مقاصد القرآن " لصديق حسن خان في بولاق عام 1302 ه . وفي أره عام 1307 ه ، وفي القاهرة عام 1345 ه ، ذكره سركيس في " معجم المطبوعات " ص 226 وبروكلمان في ذيل " تاريخ الادب " 2 / 49 ( بالاصل الالماني ) . 2 - وطبع مع تفسير " معالم التنزيل " للبغوي ، أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء ( ت 456 ه ) بعناية محمد رشيد رضا في القاهرة عام 1342 ه في جزءين على نفقة الامير عبد العزيز أمير نجد ، ذكره سركيس في " جامع التصانيف الحديثة " لعام ( 1927 م ) 1 / 86 ، وبروكلمان في ذيل " تاريخ الادب " ( الاصل الالماني ) 2 / 49 . 3 - وطبع مع تفسير البغوي المسمى " معالم التنزيل " بأسفل صفحاته وبآخره " فضائل القرآن " لابن كثير في مطبعة المنار بالقاهرة عام ( 1347 ه ) في ( 9 ) أجزاء ، ذكرته عايدة نصير في " الكتب العربية التي نشرت في الجمهورية العربية المتحدة ( مصر ) بين عامي 1926 / 1940 م " ( 1 ) ص 25 . 4 - وطبع مستقلا باسم " تفسير القرآن العظيم " بمطبعة مصطفى محمد في القاهرة عام 1356 ه . ذكرته عايدة نصير في المصدر نفسه . 5 - وطبع مستقلا أيضا باسم " تفسير القرآن الكريم " بمطبعة عيسى البابي الحلبي عام 1372 ه في ( 4 ) أجزاء ، ذكره د . أحمد محمد منصور في " دليل المطبوعات المصرية بين عامي 1940 - 1956 م " ص 22 . 6 - وطبع مستقلا باسم " تفسير ابن كثير " بدار الفكر في بيروت عام 1386 ه في ( 7 ) أجزاء من القطع المتوسط 17 * 24 سنتم وعندي نسخة منه . 7 - وظهرت أول طبعة محققة لهذا الكتاب عام 1393 ه بمطابع الشعب بالقاهرة ، عمل في تحقيقها محمد إبراهيم البنا ، ومحمد أحمد عاشور ، وعبد العزيز عنيم في ( 8 ) أجزاء . يوسف عبد الرحمن المرعشلي بيروت في 1 ذي الحجة 1405 ه . * ( هامش ) * ( 1 ) وهو من منشورات قسم النشر بالجامعة الاميركية بالقاهرة عام 1969 م . ( * ) / صفحة 3 / بسم الله الرحمن الرحيم ( قال الشيخ الامام الاوحد ، البارع الحافظ المتقي ، عماد الدين أبو الفداء : إسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير ، الشافعي . ( رحمه الله تعالى ورضي عنه ) . الحمد لله رب الذي افتتح كتابه بالحمد فقال ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) وقال تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا * وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لابائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) وافتتح خلقه بالحمد فقال تعالى : ( الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون واختتمه بالحمد فقال بعد ما ذكر مآل أهل الجنة وأهل النار ( وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين ) ولهذا قال تعالى : ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) كما قال تعالى ( الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم الخبير ) فله الحمد في الاولى والاخرة أي في جميع ما خلق وما هو خالق ، هو المحمود في ذلك كله كما يقول المصلي " اللهم ربنا لك الحمد ، مل ء السموات ومل ء الارض ، ومل ء ما شئت من شي بعد " ولهذا يلهم أهل الجنة تسبيحه وتحميده كما يلهمون النفس أي يسبحوه ويحمدونه عدد أنفاسهم ، لما يرون من عظيم نعمه عليهم ، وكمال
قدرته وعظيم سلطانه وتوالي مننه ودوام إحسانه إليهم كما قال تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم * دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) . والحمد لله الذي أرسل رسله ( مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) وختمهم بالنبي الامي العربي المكي الهادي لاوضح السبل ، أرسله إلى جميع خلقه من الانس والجن من لدن بعثته إلى قيام الساعة كما قال تعالى : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والارض لا إله إلا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) وقال تعالى : ( لانذركم به ومن بلغ ) فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم وأسود وأحمر وإنس وجان فهو نذير له ، ولهذا قال تعالى : ( ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده ) فمن كفر بالقران ممن ذكرنا فالنار موعده بنص الله تعالى كما قال تعالى ( فانذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعثت إلى الاحمر والاسود " قال مجاهد يعني الانس والجن . فهو صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى جميع الثقلين الانس والجن مبلغا لهم عن الله تعالى ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز ( الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم إلى فهمه فقال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) وقال تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مباركا ليدبروا آياته وليتذكروا أولوا الباب ) وقال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) . / صفحة 4 / ( فالواجب ) على العلماء الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك وطلبه من مظانه وتعلم ذلك وتعليمه كما قال تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ) وقال تعالى : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله المنزل عليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله . فعلينا أيها المسلمون أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به ، وأن نأتمر بما أمرنا به من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه ، وتفهمه وتفهيمه ، قال الله تعالى : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيى الارض بعد موتها قد بينا لكم الايات لعلكم تعقلون ) ففي ذكره تعالى لهذه الاية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيى الارض بعد موتها كذلك يلين القلوب بالايمان والهديى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي ، والله المؤمل المسؤل أن يفعل بنا هذا إنه جواد كريم . فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير ؟ ( فالجواب ) أن أصح الطريق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ، بل قد قال الامام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن . قال الله تعالى : ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ) وقال تعالى : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) وقال تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " يعني السنة . والسنة أيضا تنزل عليهم بالوحي كما ينزل القرآن إلا أنها لا تتلى كما يتلي القرآن وقد استدل الامام الشافعي رحمه الله تعالى وغيره من الائمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك . والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن " فبم تحكم ؟ قال بكتاب الله ، قال فإن لم تجد ؟ قال بسنة رسول الله ، قال فإن لم تجد ؟ قال : أجتهد رأيي . فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي رسول الله " وهذا الحديث في المسند والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه . وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى
أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والاحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماءهم وكبراءهم كالائمة الاربعة الخلفاء الراشدين ، والائمة المهتدين المهديين ، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم . قال الامام أبو جعفر بن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا جابر بن نوح حدثنا الاعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال - قال عبد الله يعني ابن مسعود : والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت . وأين نزلت . ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لاتيته . وقال الاعمش أيضا عن أبي الضحى عن مسروق قال - قال عبد الله يعني ابن مسعود : والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت . وأين نزلت . ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لاتيته . وقال الاعمش أيضا عن أبي وائل عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن وقال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذ تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا . ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار وحدثنا وكيع ثنا سفيان عن الاعمش عن مسلم - كذا قال - قال عبد الله يعني ابن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس . ثم رواه عن يحيي بن داود عن إسحق الازرق عن سفيان عن الاعمش عن مسلم بن صبيح عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود أنه قال : / صفحة 5 / نعم الترجمان للقرآن ابن عباس . ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الاعمش به كذلك . فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة . وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح وعمر بعده عبد الله بن عباس ستا وثلاثين سنة ، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود وقال الاعمش عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة ، وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لاسلموا . ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الاحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار " رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو ولهذا كان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب ، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الاذن في ذلك . ولكن هذه الاحاديث الاسرائيليات تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد فأنها على ثلاثة أقسام ( أحدها ) ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح ( والثاني ) ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه ( والثالث ) ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه ويجوز حكايته لما تقدم ، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني . ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرا . وياتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك ، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ، ولون كلبهم ، وعددهم . وعصا موسى من أي الشجر كانت . وأسماء الطيور التي أحياها الله لابراهيم ، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى ، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ولا دنياهم . ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى : ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ، قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل * فلا تمار فيهم إلا مراءا ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ) فقد اشتملت هذه الاية الكريمة على الادب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا ، فانه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال ضعف القولين الاولين وسكت عن الثالث ، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فقال في مثل هذا ( قل ربي أعلم بعدتهم ) فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه فلهذا قال ( فلا تمار فيهم إلا مراءا ظاهرا ) أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الاقوال في ذلك المقام وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته ، فتشتغل به عن الاهم فالاهم . فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص إذ قد يكون الصواب في الذي تركه ، أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الاقوال فهو ناقص أيضا ، فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب ، أو جاهلا فقد أخطا ، وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة ت لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور ، والله الموفق للصواب . ( فصل ) إذ لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة ، فقد رجع كثير من الائمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد جبر فإنه كان آية في التفسير كما قال محمد بن إسحاق ثنا أبان بن صالح عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأساله عنها . وقال ابن جريز : أنبأنا أبو كريب أنبأنا طلق بن غنام عن عثمان المكي عن ابن أبي مليكة قال : رأيت مجاهدا سأل ابن عباس / صفحة 6 / عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال : فيقول له ابن عباس اكتب حتى ساله عن التفسير كله ولهذا كان سفيان الثوري يقول : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ، وكسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري ومسروق بن الاجدع وسعيد بن المسيب وأبي العالية والربيع بن أنس وقتادة والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر أقوالهم في الاية فيقع في عبارتهم تباين في الالفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا ، وليس كذلك فإن منهم من يعبر عن الشئ بلازمه أو بنظيره ، ومنهم من ينض على الشئ بعينه ، والكل بمعنى واحد في أكثر الاماكن فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي . وقال شعبة بن الحجاج وغيره : أقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير ؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح . أما إذا أجمعوا على الشئ فلا يرتاب في كونه حجة ، فان اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على قول بعض ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك . فاما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام لما رواه محمد بن جرير رحمه الله تعالى حيث قال : ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا سفيان حدثني عبد الاعلي هو ابن عامر الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قال في القرآن برايه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار " وهكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري به ، ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الاعلي به مرفوعا وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وهكذا رواه ابن جرير أيضا عن يحيى بن طلحة اليربوعي عن شريك عن عبد الاعلى به مرفوعا ولكن رواه عن محمد بن حميد عن الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس الملائي عن عبد الاعلى عن سعيد عن ابن عباس فوفقه ، وعن محمد بن حميد عن جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله فالله أعلم . وقال ابن جرير : أنبأنا العباس بن عبد العظيم العنبري ثنا حيان بن هلال ثنا سهل أخو حزم ثنا أبو عمران الجوني عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ " وقد روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القطيعي وقال الترمذي : غريب وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل . وفي لفظ لهم " من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ " أي لانه قد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الامر لكان قد أخطا لانه لم يأت الامر من بابه كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الامر لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ والله أعلم . وهكذا سمى الله القذفة كاذبين فقال ( فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ) فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الامر لانه أخبر بما يحل له الاخبار به . ولو كان أخبر بما يعلم لانه تكلف ما لا علم له به والله أعلم ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن - أبي معمر قال - قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا محمد بن يزيد عن العوام وابن حوشب عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله تعالى : ( وفاكهة وأبا ) فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم . منقطع . وقال أبو عبيد ايضا ثنا يزيد
عن حميد عن أنس أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر ( وفاكهة وأبا ) فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الاب ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال إن هذا لهو التكلف يا عمر وقال محمد بن سعد ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ ( وفاكهة وأبا ) فقال فما الاب ثم قال هو التكلف فما عليك أن لا تدريه ؟ وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما إذا أرادا استكشفا علم كيفية الاب وإلا فكونه نبتا من الارض ظاهر لا يجهل كقوله تعالى : ( فأنبتنا فيها حبا وعنبا ) الاية وقال ابن جرير حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبي أن يقول فيها ، إسناده صحيح . وقال أبو عبيد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال : سأل رجل ابن عباس عن يوم كان مقداره ألف سنة ؟ فقال له ابن عباس : فما / صفحة 7 / ( يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) فقال له الرجل إنما سألتك لتحدثني فقال ابن عباس : هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما . فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم . وقال ابن جرير أيضا : حدثني يعقوب يعني ابن إبراهيم حدثنا ابن علية عن مهدي ين ميمون عن الوليد بن مسلم قال : جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله ، عن آية من القرآن ؟ فقال : أحرج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني - أو قال : أن تجالسني . وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : إنا لا نقول في القرآن شيئا . وقال الليث عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن قال شعبة عن عمرو بن مرة قال سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال : لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شئ يعني عكرمة . وقال ابن شوذب حدثني يزيد بن أبي يزيد قال : كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحرام والحلال وكان أعلم الناس فإذا سألناه عن تفسير آية من القران سكت كأن لم يسمع . وقال ابن جرير : حدثني أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد حدثنا عبيد الله بن عمر قال : لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب ونافع . وقال أبو عبيد حدثنا عبد الله بن صالح عن ليث عن هشام بن عروة قال : ما سمعت أبي يؤول آية من كتاب الله قط . وقال أيوب وابن عون وهشام الدستوائي عن محمد بن سيرين سألت عبيدة يعني السلماني عن آية من القرآن فقال : ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن ، فاتق الله وعليك بالسداد وقال أبو عبيد : حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال : إذا حدثت عن الله حديثا فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده . حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال : كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه : وقال شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال قال الشعبي والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله عز وجل . وقال أبو عبيد حدثنا هشيم حدثنا عمرو بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله . فهذه الاثار الصحيحة وما شاكلها عن ائمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه . فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه ، ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ولا منافاة لانهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه ، وهذا هو الواجب على كل أحد ، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى : ( لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) ولما جاء في الحديث الذي روي من طرق " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار " . وأما الحديث الذي رواه أبو جعفر بن جرير حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا محمد بن خالد بن عثمة حدثنا أبو جعفر بن محمد الزبيري حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القران إلا آيابعدد علمهن إياه جبريل عليه السلام ، ثم رواه عن أبي بكر محمد بن يزيد الطرسوسي عن معن بن عيسى عن جعفر بن خالد عن هشام به - فإنه حديث منكر غريب وجعفر هذا هو ابن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري قال البخاري : لا يتابع في حديثه وقال الحافظ أبو الفتح الازدي : منكر الحديث ، وتكلم عليه الامام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الايات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى مما وقفه عليها جبرائيل ، وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث فان من القران ما استاثر الله تعالى بعلمه ، ومنه ما يعلمه العلماء ومنه ما تعمله العرب من لغاتها ، ومنه ما لا يعذر أحد في
جهالته كما صرح بذلك ابن عباس فيما قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال : قال ابن عباس التفسير على أربعة أوجه ، وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله . قال ابن جرير : وقد روى نحوه في حديث في إسناده نظر ، حدثني يونس بن عبد الاعلى الصدفى أنبانا ابن وهب سمعت عمرو بن الحرث يحدث عن الكلبي عن أبي صالح مولى أم هانئ عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أنزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام - لا يعذر أحد بالجهالة به ، وتفسير تفسره العرب ، وتفسير العلماء ، ومتشابه لا يعلمه إلا الله عز وجل ، ومن ادعى علمه سوى الله / صفحة 8 / فهو كاذب " والنظر الذي أشار إليه في اسناده هو من جهة محمد بن السائب الكلبي فإنه متروك الحديث لكن قد يكون إنما وهم في رفعه ، ولعله من كلام ابن عباس كما تقدم والله أعلم . ( مقدمة مفيدة تذكر في أول التفسير قبل الفاتحة ) قال أبو بكر بن الانباري حدثنا اسماعيل بن اسحق القاضي حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام عن قتادة قال : نزل في المدينة من القران البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وبراءة والرعد والنحل والحج والنور والاحزاب ومحمد والفتح والحجرات والرحمن والحديد والمجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة والمافقون والتغابن والطلاق و ( يا أيها النبي لم تحرم ) إلى راس العشر وإذا زلزلت ( وإذا جاء نصر الله ) هؤلاء السور نزلت بالمدينة وسائر السور بمكة . فأما عدد آيات القران العظيم فستة الافا آية ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال : فمنهم من لم يزد على ذلك ، ومنهم من قال ومائتي آية وأربع آيات ، وقيل وأربع عشرة آية ، وقيل ومائتان وتسع عشرة آية ، وقيل ومائتان وخمس وعشرون آية ، أو ست وعشرون آية ، وقيل ومائتان وست وثلاثون ، حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان . وأما كلماته فقال الفضل بن شاذان عن عطاء بن يسار سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة . وأما حروفه فقال عبد الله بن كثير عن مجاهد هذا ام أحصينا من القرآن وهو ثلثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا . وقال الفضل بن عطاء بن يسار ثلثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف وخمس عشر حرفا . وقال سلام أبو محمد الحماني : إن الحجاج جمع القراء والحافظ والكتاب فقال : أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو ؟ قال : فحسبنا فأجمعوا أنه ثلثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون حرفا قال : فأخبروني عن نصفه فإذا هو إلى الفاء من قوله في الكفه ( وليتلطف ) وثلثه الاول عند راس مائة آية من براءة والثاني على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء ، والثالث إلى آخره ، وسبعة الاولى إلى الدال من قوله تعالى : ( فمنهم من آمن به ومنهم من صد ) والسبع الثاني إلى التاء من قوله تعالى في سورة الاعراف ( أولئك حبطت ) والثالث إلى الالف الثانية من قوله تعالى في الرعد ( أكلها ) والرابع إلى الالف في الحج من قوله ( جعلنا منسكا ) والخامس إلى الهاء من قوله في الاحزاب ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ) والسادس إلى الواو من قوله تعالى في الفتح ( الظانين بالله ظن السوء ) والسابع إلى آخر القرآن . قال سلام أبو محمد علمنا ذلك في أربعة أشهر ، قالوا وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القران ، فالاول إلى آخر الانعام والثاني إلى ( وليتلطف ) من سورة الكهف ، والثالث إلى آخر الزمر ، والرابع الى آخر القران . وقد حكى الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه ( البيان ) خلافا في هذا كله فالله أعلم . وأما ( التحزيب والتجزئة ) فقد اشتهرت الاجزاء من ثلاثين كما في الرابعات بالمدارس وغيرها وقد ذكرنا فيما تقدم الحديث الوارد في تحزيب الصحابة للقران والحديث في مسند الامام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه وغيرهم عن أوس بن حذيفة أنه سال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته كيف تحزبون القران ؟ قالوا ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل حتى تختم . ( فصل ) واختلف في معنى السورة مما هي مشتقة فقيل من الابانة والارتقاع قال النابغة . ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب فكان القارئ ينتقل بها من منزلة الى منزلة . وقيل لشرفها وارتفاعها كسور البلدان وقيل سميت سورة لكونها قطعة من القران وجزءا منه ماخوذ من أسار الاناء وهو البقية ، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا ، وانما خففت الهمزة فابدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها وقيل لتمامها وكما لها لان العرب يسمون الناقة التامة سورة ( قلت ) ويحتمل ان يكون من الجمع والاحاطة لاياتها كما يسمى سور البلد لاحاطته بمنازله ودوره . وجمع السورة سور بفتح الواو وقد يجمع / صفحة 9 / على سورات وسوارات ، وأما الاية فمن العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالهما أي هي
بائنة عن أختها ومنفردة قال الله تعالى : ( إن آية ملكه ) وقال النابغة : توهمت آيات لها فعرفتها * لستة أعوام وذا العام سابع وقيل لانها جماعة حروف من القران وطائفة منه كما يقال خرج القوم بآياتهم أي بجماعاتهم قال الشاعر : خرجنا من النقبين لا حي مثلنا * بايتنا نزجي اللقاح المطافلا وقيل سميت آية لانها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها قال سيبويه وأصلها ابية مثل أكمة وشرجة تحركت الياء وانفتح ما قبله فقلبت ألفا فصارت آية بهمزة بعدها مدة وقال الكسائي أصلها آيية على وزن آمنة فقلبت ألفا ثم حذفت لالتباسها وقال الفراء أصلها أيية فقلبت الفا كراهية التشديد فصارت آية وجمعها آي وآياي وآيات . وأما الكلمة فهي اللفظ الواحدة وقد تكون على حرفين مثل ما ولا ونحو ذلك . وقد تكون أكثر ما تكون عشرة أحرف مثل ( ليستخلفنهم - و - أنلزمكموها - فاسقيناكموه ) . وقد تكون الكلمة الواحدة آية مثل ( والفجر - والضحى - والعصر ) وكذلك ( الم - وطه - ويس - و - حم ) في قول الكوفيين و ( حم عسق ) عندهم كلمتان وغيرهم ، يسمى هذه آيات بل يقول هذه فواتح السور وقال أبو عمرو الداني لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى ( مدهامتان ) بسورة الرحمن . ( فصل ) قال القرطبي أجمعوا على أنه ليس في القران شئ من التراكيب الاعجمية ، وأجمعوا أن فيه أعلاما من الاعجمية كإبراهيم ونوح ولوط واختلفوا هل فيه شئ من غير ذلك بالاعجمية ؟ فانكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الاعجمية فهو من باب ما توافقت فيه اللغات .