الحب والرومنسيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحب والرومنسيه

الحب والرومنسيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولالاداره هيى الوحيده في التحكم
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» صور ومناظر للكويت الحبيبه
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالأحد أغسطس 21, 2011 4:47 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» الجريمة ..البداية والشرارة
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 09, 2011 7:42 am من طرف ابوشادي الحبوب

» ( فضل الدعاء وأهميته )
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 09, 2011 7:39 am من طرف ابوشادي الحبوب

» تمتع باجمل صور دينيه
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2011 3:59 am من طرف ابوشادي الحبوب

» صور اسلااميات
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالأحد أغسطس 07, 2011 5:28 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» نهاية ظالم
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالسبت أغسطس 06, 2011 3:32 am من طرف ابوشادي الحبوب

» الحسن والحسين الحلقه الثانيه
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 03, 2011 6:06 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» حلقه الاولي من مسلسل الحسن والحسين
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 03, 2011 6:01 pm من طرف ابوشادي الحبوب

» فمن لها يوم السبع؟
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 03, 2011 8:09 am من طرف ابوشادي الحبوب

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ابوشادي الحبوب
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_vote_rcapنهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_voting_barنهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_vote_lcap 
خالد
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_vote_rcapنهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_voting_barنهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_vote_lcap 
mostafa
نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_vote_rcapنهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_voting_barنهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_vote_lcap 
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 16 بتاريخ الأحد يوليو 21, 2013 9:46 pm

 

 نهاية الرتبة في طلب الحسبة 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوشادي الحبوب
Admin
ابوشادي الحبوب


عدد المساهمات : 169
تاريخ التسجيل : 02/06/2009
الموقع : wwwalhaora.yoo7.com

نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 Empty
مُساهمةموضوع: نهاية الرتبة في طلب الحسبة 2   نهاية الرتبة في طلب الحسبة    2 I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 01, 2011 8:22 am

كَثِيرَةٌ مِنْ غَيْرِ عَنَاصِرِهَا يَطُولُ شَرْحُهَا، لاَ يَهْتَدِي إلَيْهَا الطَّبَّاخُونَ، فَأَمْسَكْت عَنْ ذِكْرِهَا. فَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، لِئَلاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


{الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الهرائسيين}

أَوْسَطُ عِيَارِ الْهَرِيسَةِ - مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ عَلَى الهرائسيين، وَلاَ تَعْسِيرَ عَلَى النَّاسِ - لِكُلِّ صَاعٍ مِنْ الْقَمْحِ ثَمَانِيَ أَوَاقٍ مِنْ لَحْمِ الضَّأْنِ، وَرِطْلٌ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرِ، وَيَكُونُ لَحْمُ الْهَرِيسَةِ سَمِينًا فَتِيًّا، نَقِيًّا مِنْ الدَّرَنِ وَالْغُدَدِ، وَالْعُرُوقِ، وَالْأَعْصَابِ، طَرِيًّا غَيْرَ غَثٍّ، وَلاَ مُتَغَيِّرِ الرَّائِحَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ فِي الْمَاءِ، وَالْمِلْحِ سَاعَةً حَتَّى يَخْرُجَ مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ الدَّمِ، ثُمَّ يُخْرَجَ، وَيُغْسَلَ بِمَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ يُنْزَلَ فِي الْقِدْرِ بِحَضْرَةِ الْعَرِيفِ، ثُمَّ يُخْتَمُ بِخَاتَمِ الْمُحْتَسِبِ. فَإِذَا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ حَضَرَ الْعَرِيفُ، وَكَسَرَ الْخَاتَمَ، وَهَرَسُوهَا بِحَضْرَةِ الْعَرِيفِ، لِئَلاَ يَشِيلُوا اللَّحْمَ مِنْهَا، وَيُعِيدُوهُ إلَيْهَا مِنْ الْغَدِ، فَأَكْثَرُهُمْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يُخْتَمْ عَلَيْهِ الْقِدْرُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشَّ الْهَرِيسَةَ بِالْقُلْقَاسِ الْمُدَبَّرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْتَاعُ الرُّوسَ الْمَغْمُومَةَ عِنْدَ كَسَادِهَا رَخِيصَةً، ثُمَّ يَنْسِلُ لَحْمَهَا [وَيَجْعَلُهُ] فِي الْهَرِيسَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْلُقُ لَحْمَ الْبَقَرِ أَوْ لَحْمَ الْجَمَلِ، ثُمَّ يُجَفِّفُهُ وَيَدَّخِرُهُ عِنْدَهُ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ الْعَمَلُ نَقَعَهُ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ سَاعَةً، ثُمَّ، وَضَعَهُ فِي الْهَرِيسَةِ. وَرُبَّمَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ فِي الْقُدُورِ فَضْلَةٌ، فَخَلَطُوهَا فِي الْهَرِيسَةِ مِنْ الْغَدِ. فَيُرَاعِي الْمُحْتَسِبُ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالْخَتْمِ.

{فَصْلٌ}: وَيَكُونُ دُهْنُ الْهَرِيسَةِ طَرِيًّا طَيِّبَ الرَّائِحَةِ، قَدْ عَمِلَ فِيهِ عِنْدَ سَلْيِهِ الْمُصْطَكَا وَالدَّارَصِينِيّ، وَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] مَا يَغُشُّونَ بِهِ الدُّهْنَ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ عِظَامَ الْبَقَرِ وَالْجَمَالِ، وَالرُّوسِ، ثُمَّ يَسْلُقُهَا سَلْقًا جَيِّدًا، فَيَخْرُجُ مِنْهَا دُهْنٌ كَثِيرٌ، فَيَمْزُجُونَهُ بِدُهْنِ الْهَرِيسَةِ، وَالطَّرِيقُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّك تُقَطِّرُ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى بَلاَطَةٍ، فَإِنْ سَالَ، وَلَمْ يَجْمُدْ، أَوْ كَانَ لَوْنُهُ مُشِفًّا، فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَأْمُرُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] بِغَسْلِ قُدُورِ الدُّهْنِ وَتَنْظِيفِهَا، وَتَمْلِيحِهَا، لِئَلاَ تَتَغَيَّرَ رَائِحَتُهَا، وَطَعْمُهَا، فَيَتَوَلَّدُ فِيهَا الدُّودُ، فَإِذَا أُعِيدَ الدُّهْنُ [إلَيْهَا] ثَانِيًا صَارَ مُتَغَيِّرًا [فِي الرَّائِحَةِ، وَالطَّعْمِ]، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى النقانقيين}


الْأُولَى أَنْ تَكُونَ مَوَاضِعُهُمْ الَّتِي يَصْنَعُونَ فِيهَا النَّقَانِقَ بِقُرْبِ دِكَّةِ الْمُحْتَسِبِ، لِيُرَاعِيَهُمْ بِعَيْنِهِ، فَإِنَّ غِشَّهُمْ فِيهَا كَثِيرٌ [لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ]، وَيَأْمُرُهُمْ بِتَنْقِيَةِ اللَّحْمِ، وَجَوْدَتِهِ، وَاسْتِسْمَانِهِ، وَنُعُومَةِ دَقِّهِ عَلَى الْقُرَمِ النَّظِيفَةِ. وَلْيَكُنْ عِنْدَهُ وَاحِدٌ حِينَ يَدُقَّ اللَّحْمَ، بِمِذَبَّةٍ يَطْرُدُ [بِهَا] الذُّبَابَ، وَلاَ يَخْلِطُونَ مَعَهُ الْبَصَلَ، وَالْأَبَازِيرَ وَالتَّوَابِلَ إلاَ بِحَضْرَةِ الْعَرِيفِ، لِيَعْلَمَ مِقْدَارَهُ بِالْوَزْنِ، ثُمَّ يَحْشُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَصَارِينِ النَّقِيَّةِ. وَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ مَا يَغُشُّونَ بِهِ النَّقَانِقَ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهَا بِلُحُومِ الرُّوسِ الْمَغْمُومَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهَا بِالْكُبُودِ، وَالْكُلَى، وَالْقُلُوبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهَا بِاللُّحُومِ الْوَاقِعَةِ الْهَزِيلَةِ، أَوْ يَخْلِطُهَا بِلُحُومِ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ الْوَاقِعَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرُشُّ الْمَاءَ عَلَى اللَّحْمِ وَقْتَ دَقَّهُ، [فَيَمْنَعُهُمْ الْمُحْتَسِبُ مِنْ ذَلِكَ]، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْشُو السنبوسك بِلُحُومِ السَّمَكِ الْمَشْوِيَّةِ، وَالتَّوَابِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهَا بِالْبَاقِلاَ الْمُنَبَّتِ الْمَقْشُورِ، وَبَيَاضِ الْبَصَلِ. وَيُعْرَفُ جَمِيعُ ذَلِكَ بِأَنْ يَشُقَّ [الْمُحْتَسِبُ] النَّقَانِقَ قَبْلَ قَلْيِهَا، فَيُظْهِرَ مَا فِيهَا لِلْعَيْنِ. وَإِذَا وُضِعَتْ فِي الْمِقْلاَةِ فَلاَ تَكَادُ تُعْرَفُ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْخُسُونَهَا بِالسَّفُّودِ إذَا قَارَبَتْ النُّضْجَ، فَيَسِيلُ مَا فِيهَا مِنْ الْغِشِّ، وَتُنْضِجُهُ النَّارُ، فَلاَ يُعْرَفُ، وَيَكُونُ دُهْنُهَا الَّذِي تُقْلَى بِهِ طَيِّبَ الطَّعْمِ، وَالرَّائِحَةِ غَيْرَ عَتِيقٍ، وَلاَ مُتَغَيِّرٍ، ثُمَّ يَنْثُرُونَ عَلَيْهَا بَعْدَ قَلْيِهَا الْأَبَازِيرَ الطَّيِّبَةَ، وَالتَّوَابِلَ الْمَسْحُوقَةَ الصَّالِحَةَ لَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْحَلْوَانِيِّينَ}


الْحَلْوَى أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، وَأَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ، لاَ يُمْكِنُ ضَبْطُهَا بِصِفَةٍ وَ [لاَ] عِيَارٍ، أَخْلاَطُهَا عَلَى قَدْرِ أَنْوَاعِهَا، مِثْلُ النَّشَا، وَاللَّوْزِ، وَالْخَشْخَاشِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَقَدْ يَكُونُ [ذَلِكَ] كَثِيرًا فِي نَوْعٍ، وَقَلِيلًا فِي نَوْعٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا يُرْجَعُ فِي [مَعْرِفَةِ] ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى الْعَرِيفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْحَلْوَى تَامَّةَ النُّضْجِ، غَيْرَ نِيئَةٍ، وَلاَ مُحْتَرِقَةٍ، وَلاَ تَبْرَحُ الْمِذَبَّةُ فِي يَدِهِ، يَطْرُدُ عَنْهَا الذُّبَابَ، وَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسَبِ] عَلَيْهِمْ مَا يَغُشُّونَ بِهِ الْحَلْوَى، فَإِنَّهُ كَثِيرٌ: فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَمْزُجُونَ الْعَسَلَ النَّحْلَ بِرُبِّ الْكَرْمِ [وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا حُمِلَ عَلَى النَّارِ ظَهَرَتْ رَائِحَةُ الرُّبِّ]، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْزُجُ الْعَسَلَ الْقَصَبَ - [وَهُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ الْقَطَّارَةَ] - بِالدِّبْسِ، وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَرْكُدُ فِي أَسْفَلِ الْإِنَاءِ. وَمِنْ الْحَلْوَى مَا يُغَشُّ بِالدَّقِيقِ، وَالنَّشَا - وَبِدَقِيقِ الْأُرْزِ، وَبِدَقِيقِ الْعَدَسِ، وَبِقِشْرِ السِّمْسِمِ - وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ إذَا طُرِحَ فِيهِ، وَقَدْ يَغُشُّونَ نَاطِفَ الْخَشْخَاشِ بِالسَّمِيذِ، وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِي مُكَسَّرِهِ، وَقَدْ يَغُشُّونَ النَّاطِفَ الْهِيَاجَيَّ بِالسَّمِيذِ الْمَقْلُوِّ بِالْكِشْكِ، وَقَدْ يَغُشُّونَ النَّاطِفَ الْأَصْفَرَ بِالْفَتِيتِ، وَعَلاَمَةُ غِشِّ الْجَمِيعِ أَنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشَّ البسندود بِالْفَتِيتِ، وَرُبَّمَا عَمِلُوهُ بِدَقِيقِ الْعَدَسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ كَعْبَ الْغَزَالِ، وَالْمُشَاشَ بِالْقَنْدِ، وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ مَيْلُهُ إلَى السُّمْرَةِ، وَالسَّوَادِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الزَّلاَبِيَةَ الْمُشَبَّكَةَ بِالْقَنْدِ الْمَحْلُولِ، عِوَضًا عَنْ الْعَسَلِ، وَقَدْ يَغُشُّونَ الْخَبَائِصَ النَّاعِمَةَ، وَالرَّطْبَةَ وَالصَّابُونِيَّةَ بِالنَّشَا الْخَارِجِ عَنْ الْحَدِّ، وَعَلاَمَةُ غِشّهَا أَنَّهَا تَتَفَتَّتُ، وَإِذَا بَاتَتْ خُمِّرَتْ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ النَّوْبِيَّةَ بِالدَّقِيقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الخشكنانج الَّذِي يُخْبَزُ فِي التَّنُّورِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مَغْشُوشًا، وَقَعَ فِي التَّنُّورِ وَسَقَطَ، وَجَمِيعُ غُشُوشِ الْحَلاَوَةِ لاَ تَخْفَى فِي مَنْظَرِهَا، وَذَوْقِهَا، فَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ الْمُحْتَسِبُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



{الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الصَّيَادِلَةِ}


تَدْلِيسُ هَذَا الْبَابِ، وَاَلَّذِي بَعْدَهُ كَثِيرٌ، لاَ يُمْكِنُ حَصْرُ مَعْرِفَتِهِ عَلَى التَّمَامِ. فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ نَظَرَ فِيهِ، وَعَرَفَ اسْتِخْرَاجَ غُشُوشِهِ، فَكَتَبَهَا فِي حَوَاشِيهِ تَقْرِيبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ أَضَرُّ عَلَى الْخَلْقِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقَاقِيرَ، وَالْأَشْرِبَةَ مُخْتَلِفَةُ الطَّبَائِعِ، وَالْأَمْزِجَةِ، وَالتَّدَاوِي عَلَى قَدْرِ أَمْزِجَتِهَا. فَمِنْهَا مَا يَصْلُحُ لِمَرَضٍ وَمِزَاجٍ، فَإِذَا أُضِيفَ إلَيْهَا غَيْرُهَا أَحْرَفَهَا عَنْ مِزَاجِهَا، فَأَضَرَّتْ بِالْمَرِيضِ لاَ مَحَالَةَ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَى الصَّيَادِلَةِ أَنْ يُرَاقِبُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُخَوِّفَهُمْ، وَيَعِظَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ الْعُقُوبَةَ، وَالتَّعْزِيرَ، وَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ عَقَاقِيرَهُمْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ. فَمِنْ غُشُوشِهِمْ الْمَشْهُورَةِ أَنَّهُمْ يَغُشُّونَ الْأَفْيُونَ الْمِصْرِيَّ بِشِيَافِ ماميتا، وَيَغُشُّونَهُ أَيْضًا بِعُصَارَةِ، وَرَقِ الْخَسِّ الْبَرِّيِّ، وَيَغُشُّونَهُ أَيْضًا بِالصَّمْغِ. وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا أُذِيبَ بِالْمَاءِ ظَهَرَتْ لَهُ رَائِحَةٌ كَرَائِحَةِ الزَّعْفَرَانِ، إنْ كَانَ مَغْشُوشًا بالماميتا، وَإِنْ كَانَتْ رَائِحَتُهُ ضَعِيفَةً، وَهُوَ خَشِنٌ، كَانَ مَغْشُوشًا بِعُصَارَةِ الْخَسِّ؛ وَاَلَّذِي هُوَ مُرٌّ صَافِي اللَّوْنِ ضَعِيفُ الْقُوَّةِ، يَكُونُ مَغْشُوشًا بِالصَّمْغِ. وَقَدْ يَغْشَوْنَ الراوند [الصِّينِيَّ] بِنَبْتَةِ يُقَالُ لَهَا: رَاوَنْدُ الدَّوَابِّ تَنْبُتُ بِالشَّامِ. وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّ الراوند الْجَيِّدَ هُوَ الْأَحْمَرُ الَّذِي لاَ رَائِحَةَ لَهُ، وَيَكُونُ خَفِيفًا، وَأَقْوَاهُ الَّذِي يَسْلَمُ مِنْ السُّوسِ، وَإِذَا نُقِعَ [فِي الْمَاءِ] كَانَ فِي لَوْنِهِ صُفْرَةٌ، وَمَا خَالَفَ هَذِهِ الصِّفَةَ كَانَ مَغْشُوشًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ يَغُشُّونَ الطَّبَاشِيرَ بِالْعِظَامِ الْمَحْرُوقَةِ فِي الْأَتَاتِينَ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهَا أَنَّهَا إذَا طُرِحَتْ فِي الْمَاءِ رَسَبَ الْعَظْمُ، وَطَفَا الطَّبَاشِيرُ، وَقَدْ يُغَشُّونَ اللِّبَانَ الذَّكَرَ بالقلفونية، وَالصَّمْغِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا طُرِحَ فِي النَّارِ الْتَهَبَتْ القلفونية، وَدَخَّنَتْ وَفَاحَتْ رَائِحَتُهَا، وَقَدْ يَغُشُّونَ التَّمْرَ هِنْدِيَّ بِلَحْمِ الْإِجَّاصِ، وَقَدْ يَغُشُّونَ الْحَضَضَ بِعَكِرِ الزَّيْتِ، وَمَرَائِرِ الْبَقَرِ؛ فِي وَقْتِ طَبْخِهِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا طُرِحَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي النَّارِ فَإِنَّ الْخَالِصَ يَلْتَهِبُ، ثُمَّ إذَا أَطْفَيْتَهُ بَعْدَ الِالْتِهَابِ يَصِيرُ لَهُ رَغْوَةٌ كَلَوْنِ الدَّمِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَيِّدَ مِنْهُ أَسْوَدُ، وَيُرَى دَاخِلُهُ يَاقُوتِيُّ اللَّوْنِ، وَمَا لاَ يَلْتَهِبُ وَمَا لاَ يُرَغِّي يَكُونُ مَغْشُوشًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ يَغُشُّونَ الْقُسْطَ بِأُصُولِ الرَّاسِنِ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّ الْقُسْطَ لَهُ رَائِحَةٌ، وَإِذَا وُضِعَ عَلَى اللِّسَانِ يَكُونُ لَهُ طَعْمٌ، وَالرَّاسِنُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَغُشُّونَ زُغْبَ السُّنْبُلِ بِزُغْبِ الْقُلْقَاسِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ يُغْثِي، وَيُحَرِّقُ. وَقَدْ يَغُشُّونَ الأفربيون بِالْبَاقِلاَ الْيَابِسِ الْمَدْقُوقِ، وَقَدْ يَغُشُّونَ الْمَصْطَكَى بِصَمْغِ الْأَبْهَلِ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَغُشُّ الْمُقْلَ بِالصَّمْغِ الْقَوِيِّ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّ الْهِنْدِيَّ تَكُونُ لَهُ رَائِحَةٌ ظَاهِرَةٌ إذَا بُخِّرَ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَرَارَةٌ. والأفتيمون الإقريطشي يَغُشُّونَهُ بِالشَّامِيِّ، وَلَيْسَ بِضَارٍ، وَيَغُشُّونَهُ أَيْضًا بِزُغْبِ البسبايج، وَمِنْهُمْ مِنْ يَغُشُّ الْمَحْمُودَةَ بِلَبَنِ الْيَتُوعِ الْمُجَمَّدِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهَا أَنْ تُوضَعَ عَلَى اللِّسَانِ، فَإِنْ قَرَصَتْهُ فَهِيَ مَغْشُوشَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهَا أَيْضًا بِنِشَارَةِ الْقُرُونِ، وَتُعْجَنُ بِمَاءِ الصَّمْغِ عَلَى هَيْئَةِ الْمَحْمُودَةِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهَا بِدَقِيقِ الْبَاقِلاَ، وَدَقِيقِ الْحِمَّصِ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْخَالِصَةَ صَافِيَةُ اللَّوْنِ مِثْلُ الغرى، وَالْمَغْشُوشَةَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَغُشُّونَ الْمُرَّ بِالصَّمْغِ الْمَنْقُوعِ فِي الْمَاءِ، وَصِفَةُ غِشِّهِ أَنَّ الْخَالِصَ يَكُونُ خَفِيفًا، وَلَوْنُهُ وَاحِدٌ، وَإِذَا كُسِرَ ظَهَرَ فِيهِ أَشْيَاءٌ كَشَكْلِ الْأَظْفَارِ مَلْسَاءُ، تُشْبِهُ الْحَصَى، وَتَكُونُ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَا كَانَ مِنْهُ ثَقِيلًا وَلَوْنُهُ لَوْنُ الزِّفْتِ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ. وَمِنْهُمْ مِنْ يَغُشُّ قِشْرَ اللِّبَانِ بِقُشُورِ شَجَرِ الصَّنَوْبَرِ، وَصِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ، فَإِنْ الْتَهَبَ وَفَاحَتْ لَهُ رَائِحَةٌ [طَيِّبَةٌ] فَهُوَ خَالِصٌ، وَإِنْ كَانَ بِالضِّدِّ فَهُوَ مَغْشُوشٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ المرزنجوش بِبِزْرِ الحندقوق، وَقَدْ يَغُشُّونَ الشَّمْعَ بِشَحْمِ الْمَعْزِ وبالقلفونية، وَقَدْ يَذَرُونَ فِيهِ عِنْدَ سَبْكِهِ دَقِيقَ الْبَاقِلاَ أَوْ الرَّمْلَ النَّاعِمَ، أَوْ الْكُحْلَ الْأَسْوَدَ الْمَسْحُوقَ؛ ثُمَّ يُجْعَلُ ذَلِكَ بِطَانَةً فِي الشَّمْعَةِ، ثُمَّ يُغْشَى بِالشَّمْعِ الْخَالِصِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّك إذَا أَشْعَلْت الشَّمْعَةَ ظَهَرَ فِيهَا ذَلِكَ. وَقَدْ يَغُشُّونَ الزِّنْجَارَ بِالرُّخَامِ والقلقند، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ تَبُلَّ إبْهَامَكَ، وَتَغْمِسَهَا فِيهِ، ثُمَّ تُدَلَّكُ بِهَا السَّبَّابَةَ، فَإِنْ نَعِمَ، وَصَارَ كَالزُّبْدِ فَهُوَ خَالِصٌ، وَإِنْ ابْيَضَّ، وَتَحَبَّبَ فَهُوَ مَغْشُوشٌ، وَأَيْضًا يُتْرَكُ مِنْهُ شَيْءٌ بَيْنَ الْأَسْنَانِ، فَإِنْ وَجَدْته كَالرَّمْلِ فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِالرُّخَامِ، وَأَيْضًا تُحَمَّى صَفِيحَةٌ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَذَرُ عَلَيْهَا، فَإِنْ احْمَرَّ فَهُوَ مَغْشُوشٌ بالقلقند، وَإِنْ اسْوَدَّ فَهُوَ خَالِصٌ. وَقَدْ يَخْتَارُونَ مِنْ الْإِهْلِيلَجِ الْأَسْوَدِ إهْلِيلَجًا أَصْفَرَ، وَيَبِيعُونَهُ مَعَ الْكَابِلِي؛ وَيَخْتَارُونَ مِنْ الْإِهْلِيلَجِ الْأَصْفَرِ الْمُعَصَّبِ حُبَاشَةَ الْكَابِلِي، وَيَبِيعُونَهُ مَعَ الْكَابِلِي، وَقَدْ يَرُشُّونَ الْمَاءَ عَلَى الْخِيَارِ شنبر، وَهُوَ مَلْفُوفٌ فِي الْأَكْسِيَةِ عِنْدَ بَيْعِهِ، فَيَزِيدُ رِطْلُهُ نِصْفَ [رِطْلٍ]، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ اللَّكَّ، وَيَسْبِكُهُ عَلَى النَّارِ، وَيَخْلِطُ مَعَهُ الْآجُرَّ الْمَسْحُوقَ، وَالْمَغْرَةَ، ثُمَّ يَعْقِدُهُ، وَيَبْسُطُهُ أَقْرَاصًا، ثُمَّ يُكَسِّرُهُ بَعْدَ جَفَافِهِ، وَيَبِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ دَمُ الْأَخَوَيْنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَدُقُّ الْعِلْكَ دَقًّا جَرِيشًا، ثُمَّ يَجْعَلُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ الجاوشير [وَيَطْبُخُهُ] عَلَى النَّارِ فِي عَسَلِ النَّحْلِ، وَيُلْقِي فِيهِ شَيْئًا مِنْ الزَّعْفَرَانِ، فَإِذَا غَلَى، وَأَرْغَى، طَرَحَ فِيهِ الْعِلْكَ، وَحَرَّكَهُ إلَى أَنْ يَشْتَدَّ، ثُمَّ يَعْمَلُهُ أَقْرَاصًا إذَا بَرَدَ، وَيُكَسِّرُهُ، وَيَخْلِطُ مَعَهُ الجاوشير، فَلاَ يَظْهَرُ فِيهِ، وَأَمَّا جَمِيعُ الْأَدْهَانِ الطِّبِّيَّةِ، وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُمْ يَغُشُّونَهَا بِدُهْنِ الْخَلِّ بَعْدَ أَنْ يُغْلَى عَلَى النَّارِ، وَيُطْرَحَ فِيهِ جَوْزٌ، وَلَوْزٌ مَرْضُوضٌ، لِيُزِيلَ رَائِحَتَهُ، وَطَعْمُهُ، ثُمَّ يَمْزُجُونَهُ بِالْأَدْهَانِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ نَوَى الْمِشْمِشِ، وَالسِّمْسِمِ، ثُمَّ يَعْجِنُهُمَا بَعْدَ دَقِّهِمَا، وَيَعْصِرُهُمَا وَيَبِيعُ دُهْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ دُهْنُ لَوْزٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ دُهْنَ الْبَلَسَانِ بِدُهْنِ السَّوْسَنِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُقَطَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى خِرْقَةِ صُوفٍ ثُمَّ يُغْسَلَ، فَإِنْ زَالَ عَنْهَا، وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا فَهُوَ خَالِصٌ، وَإِنْ أَثَّرَ فِيهَا كَانَ مَغْشُوشًا وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخَالِصَ مِنْهُ إذَا قُطِّرَ فِي الْمَاءِ يَنْحَلُّ، وَيَصِيرُ فِي قَوَامِ اللَّبَنِ، وَالْمَغْشُوشُ يَطْفُو مِثْلَ الزَّيْتِ، وَيَبْقَى كَواكِبًا فَوْقَ الْمَاءِ، وَقَدْ أَعْرَضْت عَنْ أَشْيَاءٍ كَثِيرَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ أَذْكُرْهَا لِخَفِيِّ غِشِّهَا، وَلِامْتِزَاجِهَا بِالْعَقَاقِيرِ، مَخَافَةَ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا مِمَّنْ لاَ دِينَ لَهُ، فَيُدَلِّسُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا ذَكَرْت فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي غَيْرِهِ مَا قَدْ اُشْتُهِرَ غِشُّهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَتَعَاطَاهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَأَمْسَكْت عَنْ أَشْيَاءٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ، قَدْ ذَكَرَ أَكْثَرَهَا صَاحِبُ كِتَابِ كِيمْيَاءِ الْعِطْرِ؛ فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ وَقَعَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْكِتَابُ، فَمَزَّقَهُ، وَحَرَقَهُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.



{الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْعَطَّارِينَ}


غُشُوشُ الْعِطْرِ كَثِيرَةٌ - مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا - لِاخْتِلاَفِ أَجْنَاسِ الطِّيبِ وَأَنْوَاعِهِ، وَتَجَانُسِ الْعَقَاقِيرِ الطِّبِّيَّةِ وَتَقَارُبِهَا فِي الرَّائِحَةِ. وَسَأَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا اشْتَهَرَ غِشُّهُ وَصَنْعَتُهُ، وَأُعْرِضُ عَمَّا خَفِيَ غِشُّهُ وَصَنْعَتُهُ، وَلاَ يَتَعَاطَاهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ نَافِجَةَ الْمِسْكِ مِنْ قُشُورِ الْأَمْلَجِ والشيطرج الْهِنْدِيِّ، وَمِثْلُهَا شادوران، وَيَعْجِنُونَهُ بِمَاءِ صَمْغِ الصَّنَوْبَرِ، وَيَجْعَلُونَ مَعَ كُلِّ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ مِنْ هَذَا دِرْهَمُ مِسْكٍ، وَيَحْشُونَ بِهِ النَّافِجَةَ، وَيَسُدُّونَ رَأْسَهَا بِالصَّمْغِ، ثُمَّ يُجَفِّفُونَهَا عَلَى رَأْسِ تَنُّورٍ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهَا - وَسَائِرِ غُشُوشِ النَّوَافِجِ - أَنْ يَفْتَحَهَا [الْمُحْتَسِبُ] وَيَلْثِمَهَا، كَالْمُتَحَثِّي لِلشَّيْءِ، فَإِنْ طَلَعَ إلَى فِيهِ لِلْمِسْكِ حِدَةٌ كَالنَّارِ، فَهُوَ فَحْلٌ لاَ غِشَّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِالضِّدِّ فَهُوَ مَغْشُوشٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ نَافِجَةً مِنْ الْأَمْلَجِ والشادوران الَّذِي قَدْ نُزِعَ صِبْغُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَمَعَهُمَا الأنزورت، وَيَعْجِنُهُ بِمَاءِ الصَّمْغِ وَيَخْدِمُهُ، ثُمَّ يَجْعَلُ لِكُلِّ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ مِنْهُ دِرْهَمُ مِسْكٍ صغدي، وَيَسْحَقُ الْجَمِيعَ وَيُحَشِّي مِنْهُ النَّافِجَةَ، ثُمَّ يُجَفِّفُهُ عَلَى تَنُّورٍ؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنْهُمْ مِنْ يَعْمَلُ نَافِجَةً بِقُشُورِ الْبَلُّوطِ الْمَخْدُومِ بِالنَّارِ، وَيَخْلِطُ مِنْهُ [لِكُلِّ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمُ مِسْكٍ]، ثُمَّ يُحَشِّي بِهِ النَّافِجَةَ؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ مِسْكًا بِغَيْرِ نَافِجَةٍ، مِنْ زرواند وَرَامِكٍ وَدَمِ أَخَوَيْنِ، وَيَعْجِنُ الْجَمِيعَ، وَيَعْمَلُ لِلدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ دِرْهَمَ مِسْكٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ [مِسْكًا] مِنْ سُنْبُلِ الطِّيبِ وَبُرَادَةِ الْعُودِ وَقِرْفَةٍ وَقُرُنْفُلٍ، وَيَخْلِطُ بِمِثْلِهِ [مِسْكًا]. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ الْقُرُنْفُلِ [وشادوران وَزَعْفَرَانٍ، وَيَعْجِنُ الْجَمِيعَ بِمَاءِ وَرْدٍ، وَيَخْلِطُهُ بِمِثْلِهِ]، وَيَحْشُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ عَنْبَرًا؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمِسْكِ، أَنْ تَطْرَحَ مِنْهَا شَيْئًا فِي فِيك، ثُمَّ تَتْفُلَهُ عَلَى قَمِيصٍ أَبْيَضَ، ثُمَّ تَنْفُضَهُ، فَإِنْ انْتَفَضَ وَلَمْ يَصْبُغْ فَلاَ غِشَّ فِيهِ مِنْ دَمٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ صَبَغَ وَلَمْ يَنْتَفِضْ فَهُوَ مَغْشُوشٌ. وَمِنْهُمْ مِنْ يُلْقِي عَلَى الْمِسْكِ الْخَالِصِ شَيْئًا مِنْ دَمِ الْأَخَوَيْنِ، أَوْ دَمِ الْجِدَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْحَقُ الْمِسْكَ بِدَمِ الْغَزَالِ، ثُمَّ يُحَشِّيهِ فِي مُصْرَانِهَا، وَيَشُدُّهُ بِخَيْطٍ، ثُمَّ يُجَفِّفُهُ فِي الظِّلِّ، ثُمَّ يَشُقُّ عَنْهُ وَيَخْلِطُهُ مَعَ غَيْرِهِ فِي الْقَوَارِيرِ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَغُشُّهُ بِالْكُبُودِ الْمَحْرُوقَةِ؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْرَحُ مَعَ الْمِسْكِ رَصَاصًا عَلَى مِقْدَارِ الْفُلْفُلِ وَأَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ، مَصْبُوغًا بِالْمِدَادِ، فَلاَ يَتَبَيَّنُ إلاَ عِنْدَ السَّحْقِ.

{فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْعَنْبَرُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ وَالصَّمْغِ الْأَسْوَدِ وَالشَّمْعِ الْأَبْيَضِ والسندروس وَجَوْزَةِ الطِّيبِ، وَيَخْدِمُهُ وَيَخْلِطُهُ بِمِثْلِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ والسندروس وَالْعُودِ وَالسُّنْبُلِ وَبَعْرِ الضَّبِّ، وَيَخْدِمُهُ وَيَدْفِنُهُ فِي بُطُونِ الْخَيْلِ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ وَيَخْلِطُهُ بِمِثْلِهِ؛ وَرُبَّمَا عُمِلَ عَلَى [شَكْلِ] تِمْثَالٍ، أَوْ قَلاَئِدَ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ الْمِسْكِ وَالشَّمْعِ وَالْعَنْبَرِ؛ وَقَدْ يَطْلُونَ جَمَاجِمَ الْعَنْبَرِ بالسندروس، فَيَجِبُ أَنْ تُحْرَقَ رُءُوسُهَا حَتَّى تُعْلَمَ سَلاَمَتُهَا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ؛ وَرُبَّمَا حُفِرَتْ [جَمَاجِمُ الْعَنْبَرِ] وَأُلْقِيَ فِيهَا قِطَعُ الرَّصَاصِ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي النَّارِ، فَلاَ تَخْفَى [رَائِحَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَتَظْهَرُ رَائِحَةُ] الْأَخْلاَطِ فِيهِ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لاَ يَجِفُّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ سندروس فَهُوَ يَتَفَتَّتُ.

{فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْكَافُورُ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ بِنُخَالَةِ رُخَامِ الْخَرَّاطِينَ الْمُدَبَّرِ. وَمِنْهُمْ مِنْ يَعْجِنُ الْكَافُورَ بِمَاءِ الصَّمْغِ الْأَبْيَضِ، وَيَنْجُرُهُ عَلَى الْغَرَابِيلِ. [وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ حِجَارَةِ النُّوشَادِرِ، وَيُكَسِّرُهُ صِغَارًا ثُمَّ يَخْلِطُهُ بِهِ]. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ ذَرِيرَةٍ غَيْرِ مَفْتُونَةٍ، وَجِبْسِينٍ غَيْرِ مَشْوِيٍّ وَصَمْغٍ أَبْيَضَ، وَمِثْلُ الْجَمِيعِ كَافُورٌ. [وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ خَشَبِ الْخِرْوَعِ النَّخِرِ، وَالْأُرْزِ الْمُدَبَّرِ. وَمِنْهُمْ مِنْ يَعْمَلُهُ مِنْ نَوَى الْبَلَحِ بِدَقِّهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الزَّبَدِ، وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَافُورٌ]، ثُمَّ يَعْجِنُهُ بِمَاءِ الْكَافُورِ، وَيَبْسُطُهُ رَقِيقًا، [فَيَبْقَى] مِثْلَ الْكَافُورِ. وَمَعْرِفَةُ غُشُوشِ الْكَافُورِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَمَا لَمْ نَذْكُرْهَا هُوَ أَنْ يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمَاءِ، فَإِنْ رَسَبَ فَهُوَ مَغْشُوشٌ، وَإِنْ طَفَا فَهُوَ خَالِصٌ؛ وَأَيْضًا يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى خِرْقَةٍ، ثُمَّ يُجْعَلُ عَلَى النَّارِ، فَإِنْ طَارَ وَلَمْ يَلْبَثْ فَهُوَ خَالِصٌ، وَإِنْ احْتَرَقَ وَصَارَ رَمَادًا فَهُوَ مَغْشُوشٌ.

{فَصْلٌ}: وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الزَّعْفَرَانَ الشَّعْرَ بِصُدُورِ الدَّجَاجِ وَلُحُومِ الْبَقَرِ، بَعْدَ سَلْقِهَا بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَنْشُرُ مَا شَاءَ مِنْهَا وَيُقَدِّدُهُ وَيَصْبُغُهُ بِالزَّعْفَرَانِ، ثُمَّ يُجَفِّفُهُ وَيَخْلِطُهُ فِي السِّلاَلِ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يَأْخُذَ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْهُ شَيْئًا وَيَنْقَعَهُ فِي الْخَلِّ، فَإِنْ تَقَلَّصَ فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِاللَّحْمِ؛ وَأَيْضًا يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ إذَا وُضِعَ فِي الْخَلِّ، وَالْخَالِصُ يَبْقَى لَوْنُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْطَعُ الأكشوت مِثْلَ شَعْرَةِ الزَّعْفَرَانِ، ثُمَّ يَطْبُخُهُ بِمَطْبُوخِ الْبَقَّمِ، وَيُضِيفُ إلَيْهِ شَيْئًا مَصْبُوغًا بِمَاءِ الزَّعْفَرَانِ، وَيَذُرُّ عَلَيْهِ قَلِيلَ سُكَّرٍ مَدْقُوقٍ، لِيَثْقُلَ وَيَلْصَقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، ثُمَّ يَخْلِطَهُ بِمِثْلِهِ زَعْفَرَانٍ وَيَرْفَعُهُ فِي السِّلاَلِ. وَبَيَانُ غِشِّهِ أَنْ تَأْخُذَهُ فِي فِيكَ، فَإِنْ كَانَ حُلْوًا فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ نَبَاتَ الْحُلْبَةِ، وَيَنْقَعُهُ فِي خَمْرٍ عَتِيقٍ قَدْ تُرِكَ فِيهِ فُلْفُلٌ وَكُرْكُمٌ مَنْخُولاَنِ وَزَعْفَرَانُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، ثُمَّ يَبْسُطُهُ فِي الظِّلِّ، وَيَخْلِطُهُ فِي السِّلاَلِ. وَمَعْرِفَةُ جَمِيعِ غُشُوشِ الزَّعْفَرَانِ أَنْ يَكُونَ يَابِسَ الشَّعْرَةِ، فَخُذْ مِنْ وَسَطِ السَّلَّةِ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ لَكَ الْغُشُوشُ بيباسته. وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْحَنُ الزَّعْفَرَانَ الْمَغْشُوشَ نَاعِمًا لِئَلاَ يَظْهَرَ غِشُّهُ، وَيَخْلِطُ مَعَهُ فِي الطَّحْنِ دَمَ الْأَخَوَيْنِ، لِيَبْقَى لَوْنُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَغْشُوشَ إذَا طُحِنَ ابْيَضَّ لَوْنُهُ، فَيَجْعَلُونَ مَعَهُ دَمَ الْأَخَوَيْنِ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمَاءِ فِي قَدَحِ زُجَاجٍ، فَإِنْ رَسَبَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ مَغْشُوشٌ، وَإِنْ طَفَا فَهُوَ خَالِصٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهُ بِالزُّجَاجِ الْمَسْحُوقِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهُ بِالنَّشَا الْمَسْحُوقِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا وُضِعَ عَلَى النَّارِ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيَتَدَبَّقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّهُ بِالْخَلُوقِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا وُضِعَ فِي الْخَلِّ وَالْخَرْدَلِ احْمَرَّ لَوْنُهُ وَصُبِغَ. وَقَدْ يَسْتَحِلُّ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَنْ يُقِيمَ قِرْطَاسًا فِي وَسَطِ الْبَرْنِيَّةِ، وَيَمْلاَ جَانِبَهَا الْوَاحِدَ خَلُوقًا، وَالْجَانِبَ الْآخَرَ زَعْفَرَانًا مَسْحُوقًا، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى كُلٍّ بِمِقْدَارِ مَعْرِفَتِهِ.

{فَصْلٌ}: وَأَمَّا الْغَالِيَةُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ أَصْلَهَا مِنْ الْقَطْرَانِ الْمُدَبَّرِ، ثُمَّ يَجْعَلُ عَلَى كُلِّ دِرْهَمَيْنِ مِنْهُ دِرْهَمَ مِسْكٍ جَيِّدٍ، وَدِرْهَمَ عُودٍ مَسْحُوقٍ، وَدِرْهَمَ سَكٍّ لادن مَسْبُوكٍ عَلَى النَّارِ، [وَيُضَيِّفُ إلَيْهِ] نِصْفَ مِثْقَالِ عَنْبَرٍ، وَيَخْلِطُ الْجَمِيعَ فِي أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ دُهْنِ بَانٍ، فَيَجِيءُ غَالِيَةٌ لاَ تَكَادُ تُعْرَفُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ جَسَدَهَا مِنْ نُخَالَةِ الرُّخَامِ الرَّخْوِ والشادوران الْمُدَبَّرِ، وَيَجْعَلُ عَلَى كُلِّ دِرْهَمَيْنِ مِنْهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الطِّيبِ. [وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ جَسَدَهَا مِنْ الْفُسْتُقِ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا لِلْوَاحِدِ وَاحِدًا].

وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ جَسَدَهَا مِنْ السِّمْسِمِ الْحَدِيثِ الْمُقَشَّرِ وَالْقِرْطَاسِ الْمُحَرَّقِ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا الطِّيبَ الْمَعْرُوفَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ جَسَدَهَا مِنْ شَمْعِ الشادوران وَعِيدَانِهِ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا الطِّيبَ الْمَعْرُوفَ. وَجَمِيعُ هَذِهِ الْغَوَالِي الْمَغْشُوشَةِ لاَ تَخْفَى عَلَى الْمُحْتَسِبِ وَالْعَرِيفِ، مِنْ اللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ وَالْقَوَامِ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعِيَهَا [كُلٌّ مِنْهُمَا] بِعَيْنِهِ، فَأَكْثَرُ مَنْ يَبِيعُهَا الدَّوَّارُونَ وَاَلَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، مِمَّنْ لاَ دِينَ لَهُ.

وَأَمَّا الزَّبَادُ فَغُشُوشُهُ كَثِيرَةٌ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ جَسَدِهِ وَجَسَدِ الْغَالِيَةِ فِي الْغِشِّ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلاَفُ فِي وَزْنِ الْخَمِيرَةِ، فَأَعْرَضْت عَنْ ذَكَرِ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ.

{فَصْلٌ}: وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الْعُودَ الْهِنْدِيَّ، فَيَأْخُذُ الصَّنْدَلَ يُبَرِّدُهُ نَظِيرَ الْعُودِ، وَيَنْقَعُهُ فِي مَطْبُوخِ الْكَرْمِ الْعَتِيقِ، ثُمَّ يُدْرِجُهُ وَيَخْلِطُهُ بِالْعُودِ الْهِنْدِيِّ. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي النَّارِ، فَتَظْهَرُ رَائِحَةُ الصَّنْدَلِ. وَمِنْهُمْ مِنْ يَعْمَلُهُ مِنْ قُشُورِ خَشَبٍ يُقَالُ لَهُ الإبليق، فَيَنْقَعُهُ فِي مَاءِ الْوَرْدِ الْمُدَبَّرِ بِالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ أَيَّامًا، ثُمَّ يُخْرِجُهُ وَيَغْلِيه وَيُدْرِجُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ خَشَبِ الزَّيْتُونِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُلْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي النَّارِ، فَلاَ يَخْفَى غِشُّهُ.

{فَصْلٌ}: وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ دُهْنَ الْبَانِ، فَيَعْمَلُهُ مِنْ دُهْنِ حَبِّ الْقُطْنِ، أَوْ دُهْنِ نَوَى الْمِشْمِشِ، وَيُعَتِّقُهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمِسْكِ الصغدي وَالْأَفَاوِيهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُهُ أَيْضًا مِنْ زَيْتِ الْأَنْفَاقِ، ثُمَّ يُعَتِّقُهُ وَيَطْرَحُ فِيهِ أَطْرَافَ الْآسِ، فَيَجِيءُ فِيهِ خُضْرَةٌ، وَيُقَارِبُ الْمَدَائِنِيَّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَعِّدُ عَقْدَ الصَّنَوْبَرِ وَقُشُورَ الكندر، فَلاَ يُشَكُّ أَنَّهُ مَاءُ الْكَافُورِ؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنْ يُقَطِّرَ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْهُ شَيْئًا عَلَى خِرْقَةٍ بَيْضَاءَ، ثُمَّ يَغْسِلَهَا فَإِنْ عَلَقَ فِيهَا وَأَثَّرَ فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَلاَ يَتَجَاسَرُ عَلَى عَمَلِهِ وَبَيْعِهِ إلاَ الْغُرَبَاءُ الْأَعَاجِمُ، وَمَنْ يَدُورُ فِي خِلاَلِ الدُّرُوبِ، فَلاَ يُهْمِلُ الْمُحْتَسِبُ الْكَشْفَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِشْهَارَ فَاعِلِهِ بِالتَّعْزِيرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.



{الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الشرابيين}


لاَ يَعْقِدُ الْأَشْرِبَةَ وَيُرَكِّبُ الْمَعَاجِينَ والجوارشنات إلاَ مَنْ اشْتَهَرَتْ مَعْرِفَتُهُ، وَظَهَرَتْ خِبْرَتُهُ، وَكَثُرَتْ تَجْرِبَتُهُ، وَشَاهَدَ تَجْرِيبَ الْعَقَاقِيرِ وَمَقَادِيرَهَا مِنْ أَرْبَابِهَا وَأَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا. وَلاَ يُرَكِّبُهَا [الشَّرَابِيُّ] إلاَ مِنْ الْكُنَّاشَاتِ الْمَشْهُورَةِ، والأقراباذينات الْمَعْرُوفَةِ، مِثْلِ أقراباذين سابور، وَالْمَلْكِيِّ، وَالْقَانُونِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوثَقُ بِهِ. وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَخْشَى الْيَوْمَ الْآخَرَ مِنْ التَّهَاوُنِ بِهَا وَالتَّفْرِيطِ بِأَوْزَانِهَا، وَأَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا مَا يُنَافِيهَا وَيَسْلُبُهَا خَاصِّيَّتَهَا، مِثْلَ عَسَلِ الْقَصَبِ الْمُدَبَّرِ بِاللَّبَنِ الْحَلِيبِ وَالْخَلِّ والإسفيداج؛ فَإِنَّ هَذَا يَعْمَلُهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَيَخْرُجُ صَافِيَ اللَّوْنِ طَيِّبَ الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ، فَيُرَكِّبُ مِنْهُ الْأَشْرِبَةَ وَالْمَعَاجِينَ بَدَلًا مِنْ السُّكَّرِ وَالْعَسَلِ النَّحْلِ. فَيُحَلِّفُهُمْ الْمُحْتَسِبُ أَنَّهُمْ لاَ يَعْمَلُونَهُ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ، وَيُحَرِّفُ الْأَمْزِجَةَ وَيُفْسِدُهَا. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى السَّوَادِ إذَا أُضِيفَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ، وَتَظْهَرُ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَلِّ إذَا مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ. وَأَيْضًا يَطْرَحُ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْهُ شَيْئًا فِي وَسَطِ الرَّاحَةِ، وَيُقَطِّرُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، ثُمَّ يَحُلُّهُ بِأُصْبُعِهِ، فَإِنَّ الْعَسَلَ يَبْيَضُّ مِثْلَ الفانيد. وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ الْأَشْرِبَةَ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ، فَمَا وُجِدَ فِيهَا حَامِضًا لِتَطَاوُلِ الْمُدَّةِ عَلَيْهِ وَمُتَغَيِّرًا، فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الطَّبْخِ ثَانِيًا، لِفَسَادِ مِزَاجِهَا وَانْحِرَافِ طَبْعِهَا، سِوَى شَرَابِ الْوَرْدِ [وَشَرَابِ] الْبَنَفْسَجِ، فَإِنَّ تَغَيُّرَهُمَا يَكُونُ سَرِيعًا، وَرَدَّهُمَا إلَى الطَّبْخِ يَزِيدُهُمَا قُوَّةً وَبَقَاءً وَنَفْعًا لِلْمَعِدَةِ. والسكنجبين البزوري، مَتَى كَانَ لَوْنُهُ مَائِلًا إلَى السَّوَادِ فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِعَسَلِ الْقَصَبِ الْمَذْكُورِ؛ وَكَذَلِكَ الْمَعَاجِينُ، إذَا تَغَيَّرَتْ فِي الْبَرَانِيِّ وَحَمِضَتْ، أَوْ نَتُنَتْ تَكُونُ مَغْشُوشَةً بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَيَنْبَغِي لِلصَّانِعِ أَنْ يُقَوِّيَ عَقْدَ جَمِيعِ الْأَشْرِبَةِ حَتَّى يَصِيرَ لَهَا قَوَامٌ، وَإِذَا عَقَدَ مِنْ الْعُنَّابِ شَرَابًا قَوَّاهُ بِكَثْرَتِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ لُطْفِيَّ الدَّمِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْجِنُ عَكِرَ الْخَلِّ بِدِبْسٍ وشادوران، ثُمَّ يَدْكُنُ وَيَبِيعُهُ عَلَى أَنَّهُ عُصَارَةُ برباريس.



{الْبَابُ الْعِشْرُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى السَّمَّانِينَ}


يَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ الْمَكَايِيلَ وَالْمَوَازِينَ وَالْأَرْطَالَ، عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِهِ، وَيُنْهَوْنَ عَنْ خَلْطِ الْبِضَاعَةِ الرَّدِيئَةِ بِالْجَيِّدَةِ، إذَا اشْتَرَوْا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهَا بِسِعْرٍ، وَعَنْ خَلْطِ عَتِيقِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بِالْجَدِيدِ، وَأَلاَ يَرُشُّوا الْمَاءَ عَلَى التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ لِيُرَطِّبَهُ وَيَزِيدَ فِي وَزْنِهِ، وَأَلاَ يَدْهُنُوا الزَّبِيبَ بِالزَّيْتِ، لِيُصَفِّيَ لَوْنَهُ وَيُحَسِّنَ مَنْظَرَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْزُجُ الْعَسَلَ الْقَصَبَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَيَرُشُّهُ عَلَى الرُّطَبِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الزَّيْتَ وَقْتَ نِفَاقِهِ بِدُهْنِ الْقُرْطُمِ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ [أَنَّهُ] إذَا تُرِكَ عَلَى النَّارِ يَكُونُ لَهُ دُخَانٌ عَظِيمٌ يَخْنُقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْلِطُ الشَّيْرَجَ لِوَقْتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْزُجُ الزَّيْتَ الَّذِي قَدْ تَرَكَ فِيهِ الْجُبْنَ فِي الْخَوَابِي بِالزَّيْتِ الصَّافِي، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَدْكَنُ فِي السِّرَاجِ؛ وَأَيْضًا يَكُونُ زَفَرًا. وَأَكْثَرُهُمْ يَغُشُّ الْخَلَّ بِالْمَاءِ؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّ الْخَالِصَ إذَا صُبَّ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الْأَرْضِ نَشَّ، وَالْمَشُوبُ بِالْمَاءِ لاَ يَنُشُّ؛ وَأَيْضًا إذَا وُضِعَتْ فِيهِ حَشِيشَةُ الطُّحْلُبِ فَإِنَّهَا تَشْرَبُ الْمَاءَ دُونَ الْخَلِّ. وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ إذَا طُرِحَتْ فِيهِ هَذِهِ الْحَشِيشَةُ فَصَلَتْ بَيْنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ؛ وَأَيْضًا يُعْرَفُ غِشُّ اللَّبَنِ بِالْحَلِيبِ بِأَنْ يَغْمِسَ [الْمُحْتَسِبُ] فِيهِ شَعْرَةً، ثُمَّ يُخْرِجُهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ اللَّبَنِ يَكُونُ مَغْشُوشًا بِالْمَاءِ، وَإِنْ عَلَقَ اللَّبَنُ وَتَكَوْكَبَ كَانَ خَالِصًا. وَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ الْمُخَلَّلَ عَلَى اخْتِلاَفِ أَجْنَاسِهِ - إذَا طُرِحَ عَلَيْهِ الْكَرَجُ - فَكُلَّمَا كَانَ مِجَسُّهُ يَابِسًا قَوِيًّا أُعِيدَ إلَى الْخَلِّ الثَّقِيفِ، وَكُلَّمَا لاَنَ مِجَسُّهُ رُمِيَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ فَسَدَ. وَمَتَى حَمُضَتْ عِنْدَهُمْ الْكَوَامِخُ يَأْمُرُ [الْمُحْتَسِبُ] بِإِرَاقَتِهَا خَارِجَ الْبَلَدِ، فَإِنَّهَا لاَ تَصْلُحُ بَعْدَ حَمْضِهَا. وَكُلَّمَا تَغَيَّرَ عِنْدَهُمْ - أَوْ فَسَدَ وَدَوَّدَ - [شَيْءٌ] مِنْ الْجُبْنِ المكسود فِي الْخَوَابِي وَالشُّحُومِ وَالْأَدْهَانِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالنَّاسِ؛ وَكَذَلِكَ الْكَبَرُ إذَا دَوَّدَ فِي خَوَابِيهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْ عَمَلِ الْمَرِيِّ الْمَطْبُوخِ عَلَى النَّارِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْجُذَامَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ مَرْيًا يَبِيعُهُ مِنْ يَوْمِهِ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ رُبَّ الخرنوب، أَوْ عَسَلَ الْقَصَبِ وَالْكَمُّونِ وَالْكَرَاوْيَا وَالسُّمَّاقِ، وَيَلُتُّ الْجَمِيعَ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ؛ وَهَذَا أَيْضًا كَثِيرُ الْمَضَرَّةِ، فَيَمْنَعُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْ عَمَلِهِ. وَقَدْ يَخْلِطُونَ الْأَبَازِيرَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْلِطُ الكراويا بِبُزُورِ حَشِيشَةٍ يُقَالُ لَهَا عَيْنُ الْحَيَّةِ، تُشْبِهُ الكراويا فِي اللَّوْنِ، إلاَ أَنَّ حَبَّتَهَا أَكْبَرُ قَلِيلًا، وَلاَ رَائِحَةَ لَهَا؛ فَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ يَغُشُّونَ الدِّبْسَ الْبَعْلَبَكَّيَّ بِدَقِيقِ الْحَوَارَيِّ وَالْكِدَّانِ: وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمَاءِ رَسَبَ الْحَوَارَيُّ فِي أَسْفَلِ الْإِنَاءِ، وَرُبَّمَا بَقِيَ لِلْمَاءِ رَغْوَةٌ. وَأَكْثَرُهُمْ يَمْزُجُونَ الْعَسَلَ النَّحْلَ بِالْمَاءِ، وَعَلاَمَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَبْقَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مُحَبَّبًا كَالسَّمِيذِ، وَفِي زَمَنِ الصَّيْفِ يَكُونُ مَائِعًا رَقِيقًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَدُقُّ قُشُورَ الرُّمَّانِ وَيَغُشُّ بِهَا الْكُرْكُمَ؛ [وَقَدْ يَحْشُونَ الْحِنَّا بِالرَّمَلِ وَالْخَطْمَيْ، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ ظَاهِرَةٌ]. وَقَدْ يَغُشُّونَ الزِّفْتَ بِرَمَادِ الْقَصَبِ، أَوْ بِالرَّمْلِ، وَكَذَلِكَ يَغُشُّونَ الْقَارَ.

{فَصْلٌ}: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَضَائِعُهُمْ مَصُونَةً فِي الْبَرَانِيِّ والقطارميز، لِئَلاَ يَصِلَ إلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الذُّبَابِ وَهَوَامِّ الْأَرْضِ، أَوْ يَقَعَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ التُّرَابِ وَالْغُبَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَإِنْ وَضَعُوهَا فِي قُفَافِ الْخُوصِ فَلاَ بَأْسَ بِهَا إذَا كَانَتْ مُغَطَّاةً بالميازر؛ وَتَكُونُ الْمِذَبَّةُ فِي يَدِهِ، يَذُبُّ عَنْ الْبِضَاعَةِ بِهَا الذُّبَابَ. وَيَأْمُرُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] بِنَظَافَةِ أَثْوَابِهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِغَسْلِ مَغَارِفِهِمْ وَآنِيَتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ، وَمَسْحِ مَوَازِينِهِمْ وَمَكَايِيلِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَيَتَفَقَّدُ [الْمُحْتَسِبُ أَصْحَابَ] الْحَوَانِيتِ الْمُنْفَرِدَةِ فِي [الْحَارَاتِ وَ] الدُّرُوبِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْأَسْوَاقِ، وَيَعْتَبِرُ عَلَيْهِمْ بَضَائِعَهُمْ وَمَوَازِينَهُمْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ يُدَلِّسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.



{الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْبَزَّازِينَ}


وَيَنْبَغِي أَلاَ يَتَّجِرَ فِي الْبَزِّ إلاَ مَنْ عَرَفَ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَعُقُودَ الْمُعَامَلاَتِ، وَمَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَإِلاَ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَاتِ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " لاَ يَتَّجِرُ فِي سُوقِنَا إلاَ مَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِهِ، وَإِلاَ أَكَلَ الرِّبَا، شَاءَ، أَوْ أَبَى ". وَقَدْ رَأَيْت فِي هَذَا الزَّمَانِ أَكْثَرَ بَاعَةِ الْبَزِّ فِي الْأَسْوَاقِ يَفْعَلُونَ فِي بِيَاعَاتِهِمْ مَا لاَ يَحِلُّ عَمَلُهُ، مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ [تَعَالَى]. فَمِنْ ذَلِكَ النَّجْشُ، وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ الرَّجُلُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَلاَ يُرِيدُ الشِّرَاءَ، لِيُغْرِ غَيْرَهُ، وَهَذَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم {نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّجْشِ}. رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {لاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا}. وَلاَ يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا تُسَاوِي، لِيُغْرِ بِهَا النَّاسَ فَيَكُونُ حَرَامًا. وَمِنْ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ آخَرَ: " رُدَّهَا وَأَنَا أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهَا بِهَذَا الثَّمَنِ، أَوْ مِثْلَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://wwwalhaora.yoo7.com
 
نهاية الرتبة في طلب الحسبة 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نهاية الرتبة في طلب الحسبة
» نهاية الرتبة في طلب الحسبة 3
» نهاية ظالم
» نهاية مؤسفة
» نهاية ذئب بشري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحب والرومنسيه :: المنتدي الاسلامي :: مكتوبات عن الموت-
انتقل الى: